(تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ). إنّما أضاف العلم إليهم بذلك مع أنّهم لم يعلموه ، لأنّ معنى هذا القول : انّه ظهر لكم من معاملتنا أنّا لسنا من أهل السرقة. وقيل : لأنّهم ردّوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم مخافة أن يكونوا قد وضعوها بغير إذن يوسف. يعني : انّا تحرّجنا عن هذا ، فكيف نسرق؟ وقيل : إنّهم لمّا دخلوا مصر ، وجدوهم قد شدّوا أفواه دوابّهم لئلّا تتناول الزرع. وفيه دلالة على [أنّ] ما فعله إخوة يوسف معه إنّما كان في حال الصغر وعدم كمال العقل. (١)
[٧٤] (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ)
(قالُوا فَما جَزاؤُهُ) ؛ أي : قال الذين نادوهم : فما جزاء من سرق؟ قال إخوة يوسف : جزاؤه السارق. كان حكم السارق في آل يعقوب أن يستخدم ويسترقّ سنة أو على قدر سرقته ، وفي دين الملك الضرب والضمان. (٢)
[٧٥] (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)
(جَزاؤُهُ) ؛ أي : جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله. (٣)
(نَجْزِي الظَّالِمِينَ) ؛ أي : السارقين. يعني إذا سرق استرقّ. (٤)
[٧٦] (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)
(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ) إزالة للتهمة. لأنّه لو بدأ بوعاء أخيه في التفتيش ، لعلموا أنّه هو الذي جعلها فيه ثمّ استخرجها. أنّث الضمير لأنّه أراد السقاية. وفي قوله (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ) ؛ أي :
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٨٦.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٣٨٦.
(٣) الكشّاف ٢ / ٤٩١.
(٤) الكشّاف ٢ / ٤٩١.