[٥٨ ـ ٥٩] (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)
(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) ـ الآية. لمّا أصاب الناس من القحط مثل ما أصاب مصر ، قال يعقوب لبنيه : إنّه يباع الطعام بمصر. وإنّ صاحبه رجل صالح. فاذهبوا إليه. فإنّه يحسن إليكم. فتجهّزوا وساروا فدخلوا على يوسف ليمتاروا من مصر وهم عشرة ، وأمسك بنيامين عنده. فعرفهم يوسف وكان بين أن قذفوه في الجبّ وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة ، فلذلك أنكروه. لأنّهم رأوه ملكا جالسا على السرير عليه ثياب الملوك ولم يكن يخطر ببالهم أنّه يصير إلى مثل تلك الحالة. وكان يوسف ينتظر قدومهم عليه. فلمّا كلّموه بالعبرانيّة ، قال : من أنتم؟ فإنّي أنكر شأنكم. قالوا : نحن قوم من أرض الشام رعاة. أصابنا الجهد فجئنا نمتار. فقال : لعلّكم عيون جئتم تنظرون عورة بلادي. فقالوا : لا والله ، ما نحن بجواسيس. ونحن أولاد يعقوب نبيّ الله. وإنّه لمحزون لأنّ ولده الصغير خرج معنا إلى الصيد فأكله الذئب. وقد حبس عنده أخاه يتسلّى به. قال يوسف : فأتوني بأخيكم من أبيكم إن كنتم صادقين. فأنا أرضى بذلك. ودعوا عندي رهينة حتّى تأتوني بأخيكم. فخلّفوا عنده شمعون. فذلك قوله : (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ). [يعني] حمل لكلّ واحد منهم بعيرا بعدّتهم. (أُوفِي الْكَيْلَ) أي : لا أبخس الناس شيئا. (خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ؛ أي : المضيفين. مأخوذ من النزل وهو الطعام. أو : خير المنزلين للأمور منازلها. (١)
(وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ؛ أي : لا يعرفونه.
(قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ) يحمل إليّ رسالة من أبيكم أنّكم لستم عيونا على ملكي. (٢)
[٦٠] (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) الكشّاف ٢ / ٤٨٤.