الأكبر ـ وهو الوليد بن ريّان ـ أحدهما صاحب شرابه والآخر خبّازه للاتّهام بأنّهما يريدان أن يسمّاه. (قالَ أَحَدُهُما). يعني الشرابيّ. (إِنِّي أَرانِي). هو من رؤيا النوم. لأنّ يوسف لمّا دخل السجن قال لأهله : إنّي أعبر الرؤيا. فقال أحد الرجلين لصاحبه : هلمّ فلنختبره. فسألاه من غير أن رأيا شيئا. وقيل : بل رأياه على صحّة وحقيقة ولكنّهما كذبا في الإنكار. وقيل : إنّ المصلوب منهما كان كاذبا ، والآخر كان صادقا. وهو المرويّ عن ائمّتنا عليهمالسلام. (أَرانِي). أي قال الساقي. (أَعْصِرُ خَمْراً) ؛ أي : عنبا في كأس الملك فسقيته إيّاه. (وَقالَ الْآخَرُ) ـ أي الخبّاز ـ : كأنّ فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وسباع الطير تنهش منه. (مِنَ الْمُحْسِنِينَ) : توفّر الأعمال الجميلة. لأنّه كان إذا ضاق على رجل مكانه وسّع له ، وإن احتاج جمع له ، وإن مرض قام عليه. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام. وقيل : ممّن يحسن تأويل الرؤيا. وفي الحديث أنّ الرؤيا جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة. وتأويله أنّ الأنبياء يخبرون بما سيكون والرؤيا تدلّ على ما سيكون. وقيل : معناه : نراك من المحسنين إلينا إن فسّرت لنا الرؤيا. (١)
[٣٧] (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ)
ثمّ ذكر لهما ما يدلّ على أنّه عالم بتعبير الرؤيا فقال : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) في منامكما (إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) في اليقظة (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) التأويل. وذلك أنّه كره أن يخبرهما بالتأويل لما على أحدهما فيه من البلاء فأعرض عن سؤالهما وأخذ في غيره. وقيل : إنّه إنّما قدّم هذا ليعلما ما خصّه الله من النبوّة وليقبلا عليه فقال : لا يأتيكما طعام من منزلكما إلّا أخبرتكما بصفة ذلك الطعام وكيفيّته قبل أن يأتيكما. كما قال عيسى عليهالسلام : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ). (٢)(ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي). كأنّهما قالا له : كيف عرفت
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.
(٢) آل عمران (٣) / ٤٩.