(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) ؛ أي : جماعة مارّة جاءت من قبل مدين يريدون مصر فأخطؤوا الطريق حتّى نزلوا قريبا من الجبّ. (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) : بعثوا من يطلب لهم الماء. وكان اسمه مالك الخزاعيّ. فأرسل دلوه في البئر ليستقي ، فتعلّق يوسف بالحبل. فلمّا خرج فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان. فلذلك قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أعطي يوسف شطر الحسن ، والنصف الآخر لسائر الناس. فقال : (يا بُشْرى). قيل : إنّ بشرى رجل من أصحابه. (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) ؛ أي : الذين وجدوه أخفوا حاله عن رفقائهم مخافة أن يطلبوا منهم الشركة في يوسف ، فقالوا : هذه بضاعة لأهل الماء ودفعوه إلينا لنبيعه لهم. وقيل : معناه : وأسرّه إخوته يكتمون أنّه أخوهم وقالوا : هو عبد قد أبق منّا. (يا بُشْرى). أهل الكوفة بألف بغير ياء إلّا [أنّ] حمزة والكسائيّ [وخلف] يميلون الراء وعاصم لا يميل. (١)
[(قالَ يا بُشْرى) نادى] البشرى بشارة لنفسه. كأنّه قال : تعالي فهذا أوانك.
(بِضاعَةً). نصب على الحال. أي : أخفوه متاعا للتجارة. (٢)
[٢٠] (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)
(وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) ؛ أي : باعوه بثمن ناقص قليل. وقيل : حرام. لأنّه ثمن الحرّ. (مَعْدُودَةٍ) ؛ أي : قليلة. لأنّهم كانوا يزنون الأوقيّة وهي أربعون درهما فما زاد عليها وكانت الدراهم عشرين ، فاقتسموها درهمين درهمين. واختلف فيمن باعه. فقيل : إنّ إخوة يوسف باعوه على مالك الخزاعيّ. عن أكثر المفسّرين. وقيل : باعه الواجدون بمصر. وقيل : إنّ الذين أخرجوه من الجبّ باعوه من السيّارة. والأوّل أصحّ. (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ). يعني : انّ الذين اشتروه كانوا من الزاهدين في شرائه. لأنّهم وجدوا عليه علامة الأحرار فلم يرغبوا فيه مخافة أن يلحقهم تبعة في استعباده. وقيل : من الزاهدين في نفس يوسف
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٣٦ و ٣٣٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٧٩.