الذئب يأكل الإنسان حتّى لقّنهم أبوهم. (بِمُؤْمِنٍ) ؛ أي : مصدّق. (وَلَوْ كُنَّا). جواب لو محذوف. أي : ولو كنّا صادقين ما صدّقتنا لاتّهامك لنا في أمر يوسف. (١)
[١٨] (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)
(وَجاؤُ) ؛ أي : جاؤوا أباهم ومعهم قميص يوسف ملطّخا بدم فقالوا : هذا دم يوسف حين أكله الذئب. لأنّهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميصه. ولم يمزّقوا ثوبه ولم يخطر ببالهم أنّ الذئب إذا أكل إنسانا يمزّق ثوبه. قيل : إنّ يعقوب لمّا رأى القميص صحيحا قال : يا بنيّ ، والله ما عهدت كاليوم ذئبا أحلم من هذا! أكل ابني ولم يمزّق قميصه! (بِدَمٍ كَذِبٍ) ؛ أي : مكذوب عليه أو فيه. كما يقال : ماء سكب. وقيل : إنّه لمّا قال لهم يعقوب ذلك قالوا : بل قتله اللّصوص. فقال عليهالسلام : فكيف قتلوه وتركوا قميصه؟ وهم إلى قميصه أحوج منهم إلى قتله! (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ) ؛ أي : زيّنت لكم أنفسكم أمرا عملتموه. وهذا الكلام منه إمّا بوحي من الله أو برأي صائب صادق. (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) ؛ أي : صبري صبر جميل لا جزع فيه ولا شكوى إلى الناس. (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ) ؛ أي : بالله أستعين على تحمّل مرارة الصبر عليه. ومكث يوسف في الجبّ ثلاثة أيّام. (٢)
(عَلى قَمِيصِهِ). [في موضع] نصب على الظرف. أي : فوق قميصه. (بِدَمٍ كَذِبٍ). وصف بالمصدر للمبالغة. وقرئ بالنصب على الحال من الواو. أي : جاؤوا كاذبين. (عَلى ما تَصِفُونَ) ؛ أي : على احتمال ما تصفونه. (٣)
[١٩] (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٣١ و ٣٣٣.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩.