[٢] (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(أَنْزَلْناهُ) ؛ أي : هذا الكتاب الذي فيه قصّة يوسف عليهالسلام في حالة كونه (قُرْآناً عَرَبِيًّا). وسمّي بعض القرآن قرآنا ، لأنّ القرآن اسم جنس يقع على كلّه وبعضه. (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : إرادة أن تفهموه وتحيطوا بمعانيه ولا يلتبس عليكم. (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ)(١). (٢)
[٣] (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)
(أَحْسَنَ الْقَصَصِ). إمّا أن يكون مصدرا بمعنى الاقتصاص ـ تقول : قصّ الحديث قصصا ـ أو يكون فعلا بمعنى مفعول. فإن أريد المصدر ، فمعناه : نقصّ عليك أحسن الاقتصاص. (بِما أَوْحَيْنا) ؛ أي : بإيحائنا إليك هذه السورة ، على أن يكون أحسن منصوبا نصب المصدر ويكون المقصوص محذوفا ، لأنّ قوله : (هذَا الْقُرْآنَ) مغن عنه. ويجوز أن ينتصب (هذَا الْقُرْآنَ) بنقصّ. كأنّه قيل : نحن نقصّ عليك أحسن الاقتصاص هذا القرآن بإيحائنا إليك. والمراد بأحسن الاقتصاص أنّه اقتصّ على أبدع طريقة وأسلوب. ألا ترى أنّ هذا الحديث مقتصّ في كتب الأوّلين وفي كتب التواريخ ولا ترى اقتصاصه في كتاب منها مقاربا لاقتصاصه في القرآن؟ وإن أريد بالقصص المقصوص ، فمعناه : نقصّ عليك أحسن ما نقصّ من الأحاديث. وإنّما كان أحسنه لما يتضمّن من العبر والنكت والحكم والعجائب التي ليست في غيره والظاهر أنّه أحسن ما يقتصّ في بابه. والقصص مأخوذ من قصّ أثره ، إذا اتّبعه. لأنّ الذي يقصّ الحديث يتّبع ما حفظ منه شيئا فشيئا. (وَإِنْ كُنْتَ). إن مخفّفة من المثقّلة. واللّام هي الفارقة التي تفرق بين النافية وبينها. والضمير في (قَبْلِهِ) راجع إلى قوله : (بِما أَوْحَيْنا). والمعنى : وإنّ الشأن والحديث كنت من قبل إيحائنا إليك لمن الغافلين عنه ، ما
__________________
(١) فصّلت (٤١) / ٤٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ٤٤٠.