عن الظلم وإيذانا بأنّ إهلاك المصلحين من الظلم. وقيل : الظلم الشرك. أي لا يهلك الله القرى بسبب شرك أهلها وهم مصلحون يتعاطون الحقّ فيما بينهم ولا يضمّون إلى شركهم فسادا آخر. (١)
(مُصْلِحُونَ). عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : يعني ينصف بعضهم بعضا. (٢)
[١١٨ ـ ١١٩] (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ) ؛ أي : لاضطرّهم أن يكونوا على ملّة واحدة ؛ يعني ملّة الإسلام. فلم يضطرّهم بل مكّنهم من الاختيار ، فاختار بعضهم الحقّ وبعضهم الباطل فاختلفوا. فلذلك قال : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) إلّا ناسا هداهم الله فاتّفقوا على دين الحقّ. (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ). إشارة إلى ما دلّ عليه الكلام الأوّل. يعني : ولذلك من الاختيار والتمكين الذي كان عنه الاختلاف خلقهم ليثيب ويعاقب. (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ). يعني قوله للملائكة : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) لعلمه بكثرة من يختار الباطل. (٣)
(وَلِذلِكَ) قيل : اللّام للغرض. (٤) يعني أنّ عاقبة أمرهم كان الاختلاف. وعن ابن عبّاس : (وَلِذلِكَ) أي : للرحمة. (٥) وهو المرويّ عن السادة الأطهار عليهمالسلام. (٦) لأنّه لو كان الاختلاف مأمورا به يكون الاتّفاق منهيّا عنه.
عن الحذّاء عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : تلا : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) قال : الناس مختلفون في إصابة القول. وكلّهم هالك. قلت : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : [هم] شيعتنا. ولرحمته خلقهم. وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعني لطاعة الإمام ؛ الرحمة التي يقول : (وَرَحْمَتِي
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٤٣٨.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٣٠٩.
(٣) الكشّاف ٢ / ٤٣٨.
(٤) كذا. والصحيح : للعاقبة».
(٥) مجمع البيان ٥ / ٣١١.
(٦) التوحيد / ٤٠٣ ، ح ١٠ ، والاحتجاج ١ / ١١٣ ـ ١١٤.