كلّهم ليسوا بناجين وأن لا تخالجه شبهة حين شارف ولده الغرق في أنّه من المستثنين. فعوتب على أنّه اشتبه عليه ما يجب أن لا يشتبه. (١)
[٤٧] (قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ)
(أَعُوذُ بِكَ) ؛ أي : أعتصم بك. (٢)
(أَنْ أَسْئَلَكَ). من [أن] أطلب منك في المستقبل. (ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) : ما لا علم لي بصحّته. (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) ما فرط منّي من ذلك (وَتَرْحَمْنِي) بالتوبة [عليّ](أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أعمالا. (٣)
[٤٨] (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ)
(اهْبِطْ). حكى سبحانه ما أمر به نوحا حين استقرّت السفينة على الجبل بعد خراب الدنيا بالطوفان. (اهْبِطْ) ؛ أي : انزل من الجبل ومن السفينة. (بِسَلامٍ مِنَّا) ؛ أي : سلامة ونجاة منّا. (وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) ؛ أي : خيرات نامية ثابتة حالا بعد حال عليك وعلى من معك من المؤمنين. وقيل : المراد من الأمم سائر الحيوان الذين كانوا معه. لأنّ الله جعل فيها البركة. (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) ـ الآية ؛ أي : يكون من نسلهم أمم سنمتّعهم في الدنيا بضروب من النعم فيكفرون فنهلكهم ثمّ يمسّهم بعد الهلاك عذاب أليم. (٤)
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لمّا هبط نوح عليهالسلام من السفينة ، أتاه إبليس فقال : ما في الأرض رجل أعظم منّة عليّ منك. دعوت على هؤلاء الفسّاق فأرحتني منهم. ألا أعلّمك خصلتين؟ إيّاك والحسد. فإنّه الذي عمل بي ما عمل. وإيّاك والحرص. فهو الذي عمل بآدم ما
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٤٠٠.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٢٥٤.
(٣) الكشّاف ٢ / ٤٠٤.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢٥٥.