(إِلى جَبَلٍ). عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ النجف كان جبلا. وهو الذي قال ابن نوح : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ). ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه. فأوحى الله إليه : يا جبل ، أيعتصم بك منّي؟ فتقطّع قطعا إلى بلاد الشام وصار رملا دقيقا وصار بعد ذلك بحرا عظيما. وكان يسمّى ذلك البحر بحرني ، ثمّ جفّ بعد ذلك فقيل : ني جفّ ، [فسمّي بنيجف]. ثمّ صار الناس بعد ذلك يسمّونه نجف ، لأنّه كان أخفّ على ألسنتهم. (١)
(إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ؛ أي : إلّا الراحم وهو الله. أو : إلّا مكان من رحمهمالله وهم المؤمنون. ردّ بذلك أن يكون اليوم معتصم من جبل ونحوه يعصم اللّائذ به إلّا معتصم المؤمنين وهو السفينة. وقيل : (لا عاصِمَ) بمعنى : لا ذا عصمة. كقوله : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ). (٢) وقيل : الاستثناء منقطع. أي : لكن من رحمه يعصمه. (وَحالَ بَيْنَهُمَا) ؛ أي : نوح وابنه ، أو ابنه والجبل. (٣)
عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ الماء علا حتّى مسحت السفينة السماء. (٤)
[٤٤] (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
(وَقِيلَ يا أَرْضُ) ـ الآية. بيّن سبحانه الحال بعد انتهاء الطوفان. فقال الله للأرض : (ابْلَعِي ماءَكِ) ؛ أي : انشفّي الماء الذي نبعت به العيون واشربيه. وهذا إخبار عن ذهاب الماء عن وجه الأرض [بأوجز مدّة] فجرى مجرى أن قيل لها : ابلعي ، فبلعت. (أَقْلِعِي) ؛ أي : أمسكي عن المطر. (وَغِيضَ الْماءُ) ؛ أي : ذهب به عن وجه الأرض إلى باطنه. والأرض ابتلعت ماءها ولم تبلع ماء السماء ؛ لقوله : (ابْلَعِي ماءَكِ) وإنّ ماء السماء صار بحارا وأنهارا. وهو المرويّ عن أئمّتنا عليهمالسلام. وفي هذه الآية من بدائع الفصاحة وعجائب البلاغة ما لا يقدر
__________________
(١) علل الشرائع / ٣١ ، ح ١.
(٢) القارعة (١٠١) / ٧.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ٣٢٨.