[٣٦] (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ)
(لَنْ يُؤْمِنَ). أقنطه الله سبحانه من إيمانهم ونهاه أن يغتمّ بما فعلوه من التكذيب والإيذاء. (١)
(لَنْ يُؤْمِنَ). لمّا أعلم الله نوحا أنّ أحدا منهم لا يؤمن ، دعا عليهم نوح فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)(٢). (٣)
[٣٧] (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)
(بِأَعْيُنِنا). في موضع الحال. أي : اصنعها محفوظا. حقيقته : متلبّسا بأعيننا. كأنّ لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب وأن لا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه. (وَوَحْيِنا) : وانّا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع. عن ابن عبّاس : لم يعلم كيف صنعة الفلك ، فأوحى الله إليه [أن يصنعه] مثل جؤجؤ الطائر. (وَلا تُخاطِبْنِي) ؛ أي : لا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك. إنّهم محكوم عليهم بالإغراق ، قد وجب ذلك وقضي به القضاء وجفّ القلم فلا سبيل إلى كفّه. (٤)
[٣٨] (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ)
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ). عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : بقي نوح عليهالسلام في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله فلم يجيبوه. فهمّ أن يدعو عليهم ، فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدنيا فقالوا : نسألك يا نوح [أن] لا تدعو على قومك. فأجّلهم ثلاثمائة سنة. فلمّا أتى عليهم
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٦.
(٢) نوح (٧١) / ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٢٤٠.
(٤) الكشّاف ٢ / ٣٩٢.