[٣٣] (قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)
(إِنْ شاءَ) عاجلا أو آجلا. (بِمُعْجِزِينَ) بدفع العذاب أو الهرب منه. (١)
[٣٤] (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
(إِنْ كانَ اللهُ). قيل : ما وجه ترادف هذين الشرطين؟ قلت : قوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) جزاؤه ما دلّ عليه (لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي). وهذا الدالّ في حكم ما دلّ عليه فوصل بشرط ؛ كما وصل الجزاء بالشرط في قولك : إن أحسنت إليّ ، أحسنت إليك إن أمكنني. ومعنى قوله : (أَنْ يُغْوِيَكُمْ) هو أنّه إذا عرف الله من الكافر الإصرار فخلّاه وشأنه ولم يلجئه ، سمّي ذلك إغواء وإضلالا. كما أنّه إذا عرف منه أنّه يتوب ويرعوي فلطف به ، سمّي إرشادا وهداية. وقيل : (أَنْ يُغْوِيَكُمْ) أي : يهلككم. من غوى الفصيل ، إذا بشم فهلك. (٢)
(يُغْوِيَكُمْ) ؛ أي : يعاقبكم لكفركم به فلا ينفعكم نصحي. وقد سمّى الله العقاب غيّا بقوله : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(٣). (٤)
[٣٥] (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ)
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ). قيل : إنّه يعني بذلك محمّدا صلىاللهعليهوآله والمراد به : أيؤمن كفّار محمّد صلىاللهعليهوآله بما أخبرهم به محمّد صلىاللهعليهوآله من نبأ قوم نوح ، أم يقولون افتراه محمّد صلىاللهعليهوآله من تلقاء نفسه؟ «فقل» لهم يا محمّد صلىاللهعليهوآله : (إِنِ افْتَرَيْتُهُ) واختلقته كما تزعمون ، (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) ؛ أي : عقوبة إجرامي لا تؤاخذون به. وقيل : يعني به نوحا أنّه يقول على الله الكذب. (٥)
(إِجْرامِي) : وباله. (مِمَّا تُجْرِمُونَ) : من إجرامكم في إسناد الافتراء إليّ. (٦)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٥.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٩١.
(٣) مريم (١٩) / ٥٩.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢٣٨.
(٥) مجمع البيان ٥ / ٢٣٩.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٦.