عن الحقّ. فحذف الباء. وقيل : إنّ ما ليست للنفي بل تجري مجرى قولهم : لأواصلنّك ما لاح نجم. والمعنى أنّهم معذّبون ما داموا أحياء. (١)
(لَمْ يَكُونُوا) ؛ أي : ما كانوا معجزين الله في الدنيا أن يعاقبهم. (أَوْلِياءَ) يمنعونهم من العقاب ، ولكنّه أخّر عقابهم إلى هذا اليوم ليكون أشدّ وأدوم. (يُضاعَفُ). استئناف. وقرأ ابن كثير وابن عامر : «يضعف» بالتشديد. (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) لتصامّهم عن الحقّ وبغضهم له. (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) لتعاميهم عن آيات الله. وكأنّه العلّة المضاعفة للعذاب. وقيل : هو ـ أي (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ) ـ بيان ما نفاه من ولاية الآلهة بقوله : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ). فإنّ ما لا يسمع ولا يبصر لا يصلح للولاية. وقوله : (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) اعتراض. (٢)
[٢١] (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)
(خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله. (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من الآلهة وشفاعتها. أو : خسروا بما بدّلوا وضاع عنهم ما حصلوا فلم يبق معهم سوى الحسرة والندامة. (٣)
[٢٢] (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ)
(لا جَرَمَ). قال الزجّاج : لا نفي لما ظنّوا أنّه ينفعهم. كأنّ المعنى لا ينفعهم ذلك جرم (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) ؛ أي : كسب ذلك الفعل لهم الخسران. وقال غيره : معناه : لا بدّ ولا محالة. وقيل : معناه : حقّا. ويستعمل في كلّ أمر لا يرتاب فيه. (٤)
(هُمُ الْأَخْسَرُونَ) : لا أحد أبين ولا أكثر خسرانا منهم. (٥)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٤.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢٢٩.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٤.