(نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) أجور أعمالهم وافية من غير بخس في الدنيا وهو ما يرزقون فيها من الصحّة والرزق. وقيل : هم أهل الرئاء. يقال للقرّاء منهم : أردت أن يقال فلان قارئ ، فقد قيل ذلك. ولمن وصل الرحم وتصدّق : فعلت حتّى يقال ، فقيل. ولمن قاتل فقتل : قاتلت حتّى يقال فلان جريء ، فقيل. وعن أنس : هم اليهود والنصارى. إن أعطوا سائلا أو وصلوا رحما ، عجّل لهم جزاء ذلك بتوسعة في رزق وصحّة في البدن. وقيل : هم الذين جاهدوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله من المنافقين فأسهم لهم في الغنائم. (١)
[١٦] (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
(وَحَبِطَ). أي في الآخرة صنيعهم. يعني لم يكن لهم ثواب لأنّهم لم يريدوا به الآخرة. (وَباطِلٌ). يعني كان عملهم في نفسه باطل ، لأنّه لم يعمل لوجه صحيح. (٢)
[١٧] (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ)
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) ؛ أي : برهان يدلّه على الحقّ والصواب فيما يأتيه ويذره. والهمزة لإنكار أن يعقب من هذا شأنه هؤلاء المقصرين هممهم على الدنيا وأن يقارب بينهم في المنزلة ، وهو الذي أغنى عن ذكر الخبر. أي : أفمن كان على بيّنة من ربّه كمن كان يريد الحياة الدنيا؟ وهو حكم يعمّ كلّ مؤمن مخلص. وقيل : المراد به مؤمنو أهل الكتاب. (وَيَتْلُوهُ) ؛ أي : يتبع ذلك البرهان الذي هو دليل العقل (شاهِدٌ مِنْهُ) ؛ أي : شاهد من الله يشهد بصحّته وهو القرآن ومن قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) ؛ يعني : التوراة. فإنّها أيضا تتلوه في التصديق. وقيل : البيّنة القرآن. ويتلوه ، من التلاوة. والشاهد جبرئيل ، أو لسان الرسول على أنّ الضمير
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٣٨٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٨٤.