العابد وبقي العالم فيهم. فلمّا كان [اليوم] الذي نزل بهم العذاب ، قال لهم العالم : افزعوا إلى الله لعلّه يردّ العذاب عنكم. واخرجوا إلى المفازة وفرّقوا بين النساء والأولاد وبين سائر الحيوانات وأولادها. [ففعلوا] فصرف عنهم العذاب. (١)
(وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ). وقت الموت. (ع (ره)
[٩٩ ـ ١٠٠] (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)
سأل المأمون أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن قول الله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ* وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). فقال عليهالسلام : إنّ المسلمين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : لو أكرهت ـ يا رسول الله ـ من قدرت عليه من الناس على الإسلام ، لكثر عددنا وقوّتنا على عدوّنا. فأنزل الله عليه : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنوا عند المعاينة. ولو فعلت ذلك بهم ، لم يستحقّوا ثوابا. وقوله : (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) يعني بأمره لها بالإيمان. (٢)
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) مشيّة القسر والإلجاء. (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : بتسهيله ؛ وهو منح الألطاف. (٣)
(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ) ؛ أي : لا تقدر أنت. (ع)
(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : لا يمكن لأحد أن يؤمن إلّا بإطلاق الله له في الإيمان وتمكينه منه ودعائه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك. وقيل : إنّ إذنه هنا أمره. وقيل : إنّ إذنه هاهنا علمه. (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) ؛ أي : الكفر. أي : يحكم عليهم بالكفر ويذمّهم عليه. وقيل : الرجس السخط والغضب. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ١١٠ ، ح ٣٣.
(٣) الكشّاف ٢ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.