(كُلُّ آيَةٍ) ؛ أي : كلّ معجزة ودلالة ممّا يقترحون. (١)
[٩٨] (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ) واحدة من القرى التي أهلكناها تابت عن الكفر إلى الإيمان قبل المعاينة ولم تؤخّر كما أخّر فرعون. (فَنَفَعَها إِيمانُها) لوقوعه في وقت الاختيار. (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ). استثناء منقطع بمعنى : ولكن قوم يونس لمّا آمنوا. ويجوز أن يكون متّصلا والجملة في معنى النفي ؛ كأنّه قيل : ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلّا قوم يونس. روي : انّ يونس بعث إلى نينوى من أرض الموصل فكذّبوه ، فذهب عنهم مغاضبا. فلمّا فقدوه ، خافوا نزول العذاب ، فلبسوا المسوح وعجّوا أربعين ليلة. وقيل : قال لهم يونس : إنّ أجلكم أربعون ليلة. فقالوا : إن رأينا أسباب الهلاك آمنّا بك. فلمّا مضت خمس وثلاثون ، أغامت السماء غيما أسود هائلا يدخن دخانا شديدا ثمّ يهبط حتّى يغشى مدينتهم ويسوّد سطوحهم. فلبسوا المسوح وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابّهم وفرّقوا بين النساء والصبيان وبين الدوابّ والأولاد فحنّ بعضها إلى بعض وعلت الأصوات والعجيج وأظهروا الإيمان والتوبة ، فرحمهم وكشف عنهم. وكان يوم عاشوراء يوم الجمعة. (٢)
(فَلَوْ لا) بمعنى هلّا للتحضيض. (لَمَّا آمَنُوا). قال الزجّاج : قوم يونس لم يقع بهم العذاب ؛ إنّما رأوا الآية الدالّة على العذاب. فمثلهم مثل العليل الذي يتوب في مرضه وهو يرجو العافية ويخاف الموت. وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان في قوم يونس رجل عابد ورجل عالم. وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول : لا تدع عليهم. فإنّ الله يستجيب لك ولا يحبّ هلاك عباده. فقبل يونس قول العابد فدعا عليهم. فأوحى الله إليه أن يأتيهم العذاب في شهر كذا. فلمّا قرب الوقت ، خرج يونس من بينهم مع
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٢٠٢.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٢.