بني إسرائيل ومنعهم من الصلاة فأمروا أن يتّخذوا مساجد في بيوتهم يصلّون فيها خوفا من فرعون. وذلك قوله : (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) : يقابل بعضها بعضا. (١)
[٨٨] (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨))
(زِينَةً وَأَمْوالاً). قيل : الزينة الجمال وصحّة البدن وطول القامة ، إنعاما عليهم. (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ؛ أي : لأن لا يضلّوا. فحذف لا. كقوله : (شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٢) ؛ أي : لأن لا تقولوا. (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) ؛ أي : غيّرها إلى ما لا ينتفع به. قال عامّة أهل التفسير : صارت أموالهم حجارة حتّى السكّر. (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) : ثبّتهم على المقام ببلدهم بعد إهلاك أموالهم فيكون ذلك أشدّ عليهم. [وقيل :](وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) ؛ أي : أمتهم بعد سلب أموالهم وأهلكهم. (فَلا يُؤْمِنُوا) إيمان إلجاء (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ). (٣)
(رَبَّنا لِيُضِلُّوا). اللّام للعاقبة وهي متعلّقة بآتيت. ويحتمل أن يكون اللّام للعلّة. لأنّهم لمّا جعلوها سببا للضلال ، فكأنّهم أوتوها ليضلّوا. فيكون (رَبَّنا) تأكيدا للأمر وتكريرا وتنبيها على أنّ المقصود عرض ضلالهم وكفرانهم تقدمة لقوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ). (٤)
(زِينَةً) : ما يتزيّن بها من لباس وحلي وغير ذلك. عن ابن عبّاس : كانت لهم من فسطاط مصر إلى أرض الحبشة جبال فيها [معادن] من فضّة وذهب وزبرجد وياقوت. وقوله : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا) دعاء بلفظ الأمر ؛ كقوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ) (وَاشْدُدْ). وذلك أنّه لمّا عرض عليهم الآيات وكرّر عليهم المواعظ والنصائح فلم ينفع بهم وصار إيمانهم كالمحال ، أو علم ذلك بوحي من الله ، اشتدّ غضبه عليهم فدعا عليهم بما علم أنّه لا يكون غيره. كما تقول : لعن الله إبليس. كأنّه قيل : ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضلّالا وليطبع الله على
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٩٥.
(٢) الأعراف (٧) / ١٧٢.
(٣) مجمع البيان ٥ / ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٤٤ ـ ٤٤٥.