أجاب دعاءهم وأهلك من كانوا يخافونه وجعلهم خلفاء في أرضه. (لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً) : موضع فتنة لهم ؛ أي : [عذاب] يعذّبوننا ويفتنوننا عن ديننا. أو : فتنة لهم يفتنون بنا. ويقولون : لو كان هؤلاء على الحقّ لما أصيبوا. (١)
[٨٦] (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)
[٨٧] (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
(أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً). [خوطب موسى وهارون بهذا ،] لأنّ هذا ممّا يفوّض إلى الأنبياء. (أَنْ تَبَوَّءا) : أي : اجعلا بمصر بيوتا مرجعا لقومكما يرجعون إليه للعبادة والصلاة فيه (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ) تلك (قِبْلَةً) : أي : مساجد متوجّهة نحو القبلة وهي الكعبة. وكان موسى ومن معه يصلّون إلى الكعبة. وكانوا في أوّل أمرهم مأمورين بأن يصلّوا في بيوتهم في خفية من الكفرة لئلّا يظهروا عليهم فيؤذوهم ويفتنونهم عن دينهم. كما كان المؤمنون على ذلك في أوّل الإسلام بمكّة. (وَاجْعَلُوا). يعني مع قومهما. لأنّ اتّخاذ المساجد والصلاة فيها واجب على الجمهور. (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). وحّد الخطاب هنا لاختصاصها بموسى عليهالسلام تعظيما للبشارة وللمبشّر بها. (٢)
(بِمِصْرَ بُيُوتاً) يسكنون فيها أو يرجعون إليها للعبادة. (قِبْلَةً) ؛ أي : مصلّى. وقيل :
مساجد متوجّهة نحو الكعبة. (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فيها ، لئلّا يظهر عليهم فرعون وقومه. (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بالنصرة في الدنيا والجنّة في العقبى. (٣)
(وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ). قيل : لمّا دخل موسى بمصر بعد ما أهلك الله فرعون ، أمروا باتّخاذ مساجد للعبادة وأن يجعلوها نحو الكعبة. وقيل : إنّ فرعون أمر بتخريب مساجد
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٣٦٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٦٤.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٤٤.