وهو قوله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ). ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : كان التكذيب ثمّة. (١)
أقول : الأخبار الواردة بهذا المعنى مستفيضة. وحاصلها أنّ أهل الخلاف على الأئمّة عليهمالسلام لم يؤمنوا بهم في هذا العالم لأنّهم كذّبوا بهم في عالم الذرّ والأرواح.
[٧٥] (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)
(مِنْ بَعْدِهِمْ) : من بعد الرسل. (إِلى فِرْعَوْنَ) بالآيات التسع. (فَاسْتَكْبَرُوا) عن قبولها. (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) : كفّارا ذوي آثام عظام. (٢)
[٧٦ ـ ٧٧] (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ * قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ)
(فَلَمَّا جاءَهُمُ) ؛ أي : لمّا عرفوا أنّه الحقّ من عند الله لا من قبل موسى وهارون ، قالوا لحبّهم الشهوات : (إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ). وهم يعلمون أنّه ليس بسحر. فإن قلت : هم قطعوا على أنّه سحر ، فكيف قيل لهم : (أَتَقُولُونَ) (أَسِحْرٌ هذا). قلت : فيه أوجه : أن يكون معنى قوله : (أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ) : أتعيبونه وتطعنون فيه وكان عليكم أن تذعنوا له؟ من قولهم : بين الناس تقاول ، إذا قال بعضهم لبعض ما يسوؤه. يعني فلا يحتاج حينئذ إلى المقول. ثمّ قال : (أَسِحْرٌ هذا) فأنكر ما قالوه في عيبه والطعن عليه. وأن يحذف مفعول أتقولون وهو ما دلّ عليه قولهم : (إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ). فكأنّه قيل : أتقولون ما تقولون ، ثمّ قيل : (أَسِحْرٌ هذا). وأن يكون جملة قوله : (أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) حكاية لكلامهم. كأنّهم قالوا : أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح؟ (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ). كما قال موسى للسحرة : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ)(٣). (٤)
__________________
(١) الكافي ٢ / ١٠ ، ح ٣.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٦١.
(٣) يونس (١٠) / ٨١.
(٤) الكشّاف ٢ / ٣٦١ ـ ٣٦٢.