بكسر الياء والهاء والتشديد. و [يهدّي ويهدّي ويهدّي] أصل جميعها : يهتدي ، وإن اختلف ألفاظها. أدغموا التاء في الدال ، ثمّ اختلفوا في تحريك الهاء. فمنهم من ألقى حركة الحرف المدغم وهو التاء على الهاء. ومن قرأ بكسر الهاء ، فإنّه حرّك الهاء بالكسر لالتقاء الساكنين. ومن سكّن الهاء ، جمع بين الساكنين. ومن كسر الياء مع الهاء ، أتبع الياء ما بعدها من الكسرة. (١)
ثمّ استأنف الحجاج [فقال :](هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) ؛ أي : هل من هذه الأصنام من يهدي الناس إلى ما فيه الصلاح؟ فلابدّ أن يجيبوا بلا. فقل أنت لهم : الله الذي يهدي. (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) والرشد (أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) أمره ونهيه (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) أحدا (إِلَّا أَنْ يُهْدى) [أو لا يهتدي هو إلّا أن يهدى]. والأصنام لا تهتدي ولا تهدي ، لكن عبّر عنها كما يعبّر عمّن يعقل ووصفت بصفة من يعقل. وقيل : المراد بذلك الملائكة والجنّ لأنّهم يهتدون إذا هدوا. وقيل : معناه إلّا أن يركّب الله فيه آلة التمييز. (فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ). تعجّب عن حالهم. أي : كيف تقضون بأنّ هذه الأصنام آلهة؟ (٢)
(هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي) بنصب الحجج وإرسال الرسل؟ (إِلَّا أَنْ يُهْدى). وهذا حال أشراف شركائهم كالمسيح والملائكة. (٣)
(قُلِ اللهُ). أمر أن ينوب عنهم في الجواب ، لأنّ لجاجهم لا يدعهم أن ينطقوا بكلمة الحقّ. (٤)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : لقد قضى أمير المؤمنين عليهالسلام [بقضيّة ما قضى بها أحد كان قبله] في ولاية أبي بكر. وكان أوّل قضيّة قضى بها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله. [وذلك أنّه لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وأفضى الأمر إلى أبي بكر ، أتي برجل قد شرب الخمر ...] فلمّا لم يعرفها أبو بكر وعمر ، رجعا بها إلى أمير المؤمنين. فلمّا حكم بها قال له سلمان : أرشدتهم! قال عليّ عليهالسلام :
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٦٤.
(٢) مجمع البيان ٥ / ١٦٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٣٥.
(٤) الكشّاف ٢ / ٣٤٦.