فاختلفوا في ذلك الدين في عهد آدم وأولاده عند قتل أحد ابنيه أخاه. وقيل : اختلفوا بعد موت آدم. لأنّهم كانوا على دين واحد إلى زمن نوح ، ثمّ اختلفوا. وقيل : كانوا على ملّة الإسلام من لدن آدم إلى إبراهيم إلى أن غيّره عمرو بن لحيّ ؛ وهو أوّل من غيّر دين إبراهيم عليهالسلام وعبد الصنم في العرب. ويدلّ على صحّة هذه الأقوال قراءة عبد الله : وما كان الناس إلا أمة واحدة على هدى فاختلفوا عنه». وثانيها : انّ الناس كانوا أمّة واحدة على الكفر. فقيل : كانت كافرة على عهد إبراهيم ثمّ تفرّقوا ، فمنهم مؤمن ومنهم كافر. وقيل : كانت كذلك منذ وفاة آدم إلى زمن نوح عليهالسلام. وقيل : أراد به العرب قبل مبعثه صلىاللهعليهوآله. فإنّهم كانوا مشركين ، فلمّا بعث النبيّ آمن به فوج وبقي آخرون. وثالثها : انّ الناس كانوا خلقوا على فطرة الإسلام ، ثمّ اختلفوا في الأديان. (١)
(إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً) ؛ أي : حنفاء متّفقين على ملّة واحدة من غير أن يختلفوا بينهم. وذلك في عهد آدم إلى أن قتل قابيل هابيل. وقيل : بعد الطوفان حيث لم يذر على الأرض من الكافرين ديّارا. (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) ؛ وهو تأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة ، (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) عاجلا فيما اختلفوا فيه ولميز المحقّ من المبطل. وسبق كلمته بالتأخير لحكمة أوجب أن يكون هذه الدار دار تكليف وتلك دار ثواب وعقاب. (٢)
(إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً). أي : على الضلال في فترة من الرسل. (فَاخْتَلَفُوا) باتّباع الأهواء والأباطيل ، أو بالرسل فتبعتهم طائفة وأصرّت أخرى. (٣)
[٢٠] (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)
(لَوْ لا) ؛ أي : هلّا أنزل على محمّد آية من ربّه تضطرّ الخلق إلى المعرفة بصدقه فلا يحتاجون معها إلى النظر والاستدلال؟ وإنّما لم يلجئهم الله إلى ما التمسوه لأنّ التكليف يمنع
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٤٩.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٣٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٣١.