من الاضطرار إلى المعرفة. فإنّ الغرض بالتكليف التعريض للثواب ، ولو كانت المعرفة ضرورة ، لما استحقّوا ثوابا فيكون ناقضا للغرض. (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) ؛ أي : الذي يعلم مصالح الأمور هو الله فيعلم ما في إنزاله صلاح. ولا يفعل الآية التي اقترحتموها لما في ذلك من حسن التدبير. (فَانْتَظِرُوا) عقاب الله بالقهر والقتل في الدنيا والعذاب في الآخرة. (مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ). لأنّ الله وعدني النصر. (١)
(آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ). [أرادوا] آية من الآيات التي كانوا يقترحونها وكانوا لا يعتدّون بما أنزل عليه من الآيات. (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) ؛ أي : هو المختصّ بعلم الغيب ، لا علم لي بالصارف عن إنزال الآيات المقترحة. (فَانْتَظِرُوا) نزول ما اقترحتموه. (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) لما يفعل الله بكم لعنادكم وجحودكم الآيات. سلّط الله القحط سبع سنين على أهل مكّة حتّى كادوا يهلكون ، ثمّ رحمهم بالحيا. فلمّا رحمهم ، طفقوا يطعنون في الآيات ويعادون رسول الله صلىاللهعليهوآله. (٢)
[٢١] (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ)
و (إِذا) الأولى للشرط ، والثانية جوابها. (٣)
(النَّاسَ) ؛ أي : الكفّار. (رَحْمَةً) ؛ أي : راحة ورخاء بعد شدّة وبلاء. (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) ؛ أي : فهم يحتالون لدفع آياتنا بكلّ ما يجدون السبيل إليه من شبهة أو تخليط في مناظرة أو غير ذلك من الأمور الفاسدة. وقيل : مكرهم استهزاؤهم وتكذيبهم. (اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً) ؛ أي : أقدر جزاء على المكر. ومعناه أنّ ما يأتيهم من العقاب أسرع ممّا أتوه من المكر. (إِنَّ رُسُلَنا). يعني الملائكة الحفظة. (٤)
(أَسْرَعُ مَكْراً). دبّر عقابكم قبل أن تدبّروا كيدكم. إنّما دلّ على سرعتهم المفضّل عليها
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٢) الكشّاف ٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.
(٣) الكشّاف ٢ / ٣٣٧.
(٤) مجمع البيان ٥ / ١٥٢ ـ ١٥٣.