فيكون افتتاح كلامهم في كلّ شيء بالتسبيح واختتام كلامهم التحميد. ويكون التسبيح في الجنّة بدل التسمية في الدنيا. (تَحِيَّتُهُمْ) ؛ أي : تحيّتهم من الله في الجنّة (سَلامٌ). (١)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : التسبيح اسم من أسماء الله ودعوى أهل الجنّة. (٢)
وعن أبي جعفر عليهالسلام : إذا أراد المؤمن شيئا في الجنّة ، فإنّما دعواه إذا أراد أن يقول : (سُبْحانَكَ اللهُمَّ). فإذا قالها ، تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به. وذلك قوله : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ). يعني الخدّام. (٣)
وعن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) : يعني بذلك عند ما يقضون أهل الجنّة لذّاتهم من الجماع والطعام والشراب ، يحمدون الله عند فراغهم. (٤)
عن عليّ عليهالسلام : انّ أطيب شيء في الجنّة وألذّه حبّ الله والحبّ في الله والحمد لله. قال الله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ). وذلك [أنّهم] إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم ، هاجت المحبّة في قلوبهم فينادون عند ذلك : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). (٥)
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هي الكلمة التي تقولها أهل الجنّة إذا دخلوها وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ). وذلك قوله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) ـ الآية. (٦)
[١١] (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
(لِلنَّاسِ). المراد بالناس أهل مكّة وقولهم : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ). (٧) يعني : لو عجّلنا لهم الشرّ الذي دعوا به ، كما نعجّل لهم الخير ونجيبهم إليه ، لأميتوا. (فَنَذَرُ الَّذِينَ). فإن قلت : كيف اتّصل بما قبله؟ قلت : قوله : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ) متضمّن معنى النفي. كأنّه قيل :
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٤٠ ـ ١٤١.
(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٢٠ ، ح ٩.
(٣) الكافي ٨ / ١٠٠.
(٤) الكافي ٨ / ١٠٠.
(٥) مصباح الشريعة / ١٩٥.
(٦) علل الشرائع / ٢٥١.
(٧) الأنفال (٨) / ٣٢.