لا نعجّل لهم الشرّ ولا نقضي إليهم أجلهم فنذرهم في طغيانهم ؛ أي : نمهلهم ونفيض عليهم النعمة مع طغيانهم ، إلزاما للحجّة عليهم. (١)
ابن عامر : (لَقُضِيَ) بفتح القاف. (أَجَلُهُمْ). منصوب. (لَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) ؛ أي : إجابة دعوتهم في الشرّ إذا دعوا به على أنفسهم وأهاليهم عند الغيظ والضجر واستعجلوه ؛ مثل دعاء الانسان على نفسه وعلى ولده. (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ). أي : كما يعجّل لهم إجابة الدعوة بالخيرات إذا استعجلوها ، (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ؛ أي : لفرغ من إهلاكهم ولكنّ الله يمهلهم حتّى يتوبوا. وقيل : معناه : لو يعجّل الله للناس العقاب الذي استحقّوه بالمعاصي كما يستعجل بهم خير الدنيا ، لفنوا وماتوا. وإذا عوجلوا بالموت ، لم يبق أحد. (فَنَذَرُ) ؛ أي : فندع الذين لا يخافون البعث والحساب يتحيّرون في كفرهم وعدولهم عن الحقّ إلى الباطل. والعمه : شدّة الحيرة. (٢)
[١٢] (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
أخبر عن قلّة صبر الإنسان على الضرّ والشدائد. والضرّ : البلاء والمشقّة. (دَعانا لِجَنْبِهِ) : لكشف حاله مضطجعا. (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) ؛ أي : على كلّ حال. وليس بذلك غرضه نيل ثواب الآخرة بل زوال ما فيه من الألم. فلمّا وهبناه العافية ، (مَرَّ) ؛ أي : استمرّ على طريقته الأولى معرضا عن شكرنا كأنّه لم يسألنا إزالة الألم عنه. (كَذلِكَ) ؛ أي : كما زيّن لهم ترك الدعاء عند الرخاء ، زيّن للمشركين أعمالهم. (٣)
(لِجَنْبِهِ) : العليل الذي لا يقدر أن يجلس. (أَوْ قاعِداً) : الذي لا يقدر أن يقوم. (أَوْ قائِماً) : الصحيح. (٤)
(مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا) ؛ أي : مرّ على موقف الابتهال والتضرّع لا يرجع إليه كأنّه لا عهد له
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٣٣٢.
(٢) مجمع البيان ٥ / ١٤١ و ١٤٣.
(٣) مجمع البيان ٥ / ١٤٣.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ٣٠٩.