(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) بالموت والنشور لا إلى غيره. فاستعدّوا للقائه. (وَعْدَ اللهِ). مصدر مؤكّد لنفسه. لأنّ قوله : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) وعد من الله. (حَقًّا). مصدر آخر مؤكّد لغيره وهو ما دلّ عليه وعد الله. (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد بدئه وإهلاكه. (بِالْقِسْطِ) ؛ أي : بعدله. أو : بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم. أو : بإيمانهم ؛ لأنّه العدل القويم ، كما أنّ الشرك لظلم عظيم. وهو الأوجه لمقابلة قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ). فإنّ معناه : ليجزي الذين كفروا بشراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم ؛ لكنّه غيّر النظم للتنبيه على أنّ المقصود بالذات بالإبداء والإعادة هو الإثابة والعقاب واقع بالعرض. (١)
[٥] (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
(الشَّمْسَ ضِياءً) ؛ أي : ذات ضياء. وهو مصدر كقيام. وقرأ ابن كثير بهمزتين على القلب بتقديم اللّام على العين. (وَالْقَمَرَ نُوراً) ؛ أي : ذانور. وسمّي نورا للمبالغة وهو أعمّ من الضوء. وقيل : ما بالذات ضوء ، وما بالعرض نور. وقد نبّه سبحانه بذلك على أنّه خلق الشمس نيّرة في ذاتها والقمر نيّرا بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منها. (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ). الضمير لكلّ واحد. أي : قدّر مسير كلّ واحد منهما منازل أو قدّره ذا منازل. أو للقمر ، وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به. ولذلك علّله بقوله : (عَدَدَ السِّنِينَ). (الْحِسابَ) حساب الاوقات من الأشهر والأيّام في معاملاتكم. (إِلَّا بِالْحَقِّ) متلبّسا بالحقّ ، مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة. (يُفَصِّلُ الْآياتِ). ابن كثير والبصريّان وحفص : (يُفَصِّلُ) بالياء ، والباقون بالنون. (٢)
[٦] (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٢٨.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٢٨.