(عَرَضاً). العرض : ما عرض لك من منافع الدنيا. (١)
(لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) ؛ أي : غنيمة حاضرة. (قاصِداً) ؛ أي : قريبا هيّنا غير شاقّ. (لَاتَّبَعُوكَ) في طلب المال. (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) ؛ أي : المسافة. يعني غزوة تبوك أمروا فيها بالخروج إلى الشام. (وَسَيَحْلِفُونَ). معناه : انّ هؤلاء سيعتذرون إليك في قعودهم عن الجهاد ويحلفون لو تمكّنّا من الخروج ، لخرجنا معكم. ثمّ أخبر سبحانه أنّهم (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) بما أسرّوه من الشرك أو اليمين الكاذبة والعذر الباطل لما يستحقّون عليها من العذاب. (وَاللهُ يَعْلَمُ) كذبهم في هذا الاعتذار. فوقع ما أخبر به النبيّ من الحلف. وفيه دلالة على أنّ القدرة قبل الفعل. (٢)
(وَسَيَحْلِفُونَ) ـ يعني المتخلّفين عند رجوعك من غزوة تبوك معتذرين يقولون : بالله (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) : لو استطعنا استطاعة العدّة أو الأبدان. كأنّهم تمارضوا. (يُهْلِكُونَ). إمّا أن يكون بدلا من سيحلفون ، أو حالا بمعنى مهلكين ، ومعناه أنّهم يوقعونها في الهلاك بالحلف الكاذب. (٣)
[٤٣] (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ)
(عَفَا اللهُ). عن الرضا عليهالسلام لمّا سأله المأمون عن هذه الآية وأنّها منافية لعصمة الأنبياء فقال عليهالسلام : هذا ممّا نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة. خاطب نبيّه بذلك والمراد منه أمّته. كقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(٤). (٥)
(عَفَا اللهُ عَنْكَ). ثمّ خاطب النبيّ بما فيه بعض العتاب في إذنه لمن استأذنه في التأخير عن الخروج معه إلى تبوك فقال : (عَفَا اللهُ عَنْكَ). لأنّه كان الأولى أن يلزمهم الخروج معه حتّى إذا لم يخرجوا معه ظهر نفاقهم. لأنّه متى أذن لهم ثمّ تأخّروا ، لم يعلم أنّ التأخّر كان لنفاقهم أو
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٢٧٣.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٥٠.
(٣) الكشّاف ٢ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤.
(٤) الزمر (٣٩) / ٦٥.
(٥) عيون الأخبار ١ / ٢٠٢.