الحكمة. (١)
(ثانِيَ اثْنَيْنِ). ورد في الأخبار أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا خرج إلى الغار لقي أبا بكر في الطريق وأخذه معه خوفا من أن يدلّ الكفّار عليه. وأمّا إطلاق الصاحب عليه فقد أطلقه الله على الكافر في قوله : إذ يقول (لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ».)(٢) وعلى الحمار أطلق في فصيح الكلام : وإذا خلوت به فبش الصاحب! وأمّا حزنه ورعدته ، فقد قصد بها إسماع المشركين صوته ليستدلّوا به على وجود النبيّ صلىاللهعليهوآله. والكلام هنا طويل جدّا. وقد فصّلنا في كتابنا الموسوم بالأنوار النعمانيّة.
[٤١] (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
(انْفِرُوا). أي غزو هرقل ملك الروم لمّا سمعوا أنّه يريد غزو الإسلام. (ع)
(انْفِرُوا) ؛ أي : اخرجوا إلى الغزو. (خِفافاً وَثِقالاً) ؛ أي : شيوخا وشبّانا. أو : أغنياء وفقراء. لأنّ الغنيّ مثقل. والأولى أن يكون معناه : خفّ عليكم أو ثقل. (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ). يدلّ على أنّ الجهاد بالنفس والمال واجب على من استطاع بهما. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) ؛ أي : الخروج إلى الجهاد خير من ترك الجهاد إلى مباح. (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّ الله صادق في وعده ووعيده. قال السدّيّ : لمّا نزلت هذه الآية ، اشتدّ شأنها على الناس ، فنسخها الله بقوله : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) ـ الآية (٣). (٤)
[٤٢] (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤٩.
(٢) في سورة الكهف (١٨) الآية ٣٤ : «فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً ...». وفي الآية ٣٧ : «قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ : أَكَفَرْتَ بِالَّذِي ...». وما أطلق فيهما ـ كما ترى ـ لفظ الصاحب للكافر بل أطلق لمن كان معه.
(٣) التوبة (٩) / ٩١.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٥٠ ـ ٥١.