فيها ، فكانوا يؤخّرون تحريم المحرّم إلى صفر فيحرّمونه ويستحلّون المحرّم فيمكثون بذلك زمانا ثمّ يزول التحريم إلى المحرّم. (زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ). لأنّهم أحلّوا ما حرّم الله وبالعكس فأضافوه إلى كفرهم. (١) والذي كان يقوم [به] رجل من بني كنانة يقال له نعيم ، كان رئيس الموسم. كان يقول : أخّرنا حرمة المحرّم إلى صفر. وهكذا في بقيّة الشهور. وقال مجاهد : كان المشركون يحجّون في كلّ شهر. فحجّوا في ذي الحجّة عامين ، ثمّ حجّوا في المحرّم عامين ، وكذلك باقي الشهور حتّى وافقت حجّة الوداع في ذي الحجّة ، فقال صلىاللهعليهوآله : ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. (٢)
(لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) أي : ليوافقوا العدّة التي هي الأربعة وقد خالفوا التخصيص الذي هو أحد الواجبين. وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر شهرا ليتّسع لهم الوقت. ولذلك قال الله : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) من غير زيادة زادوها.
(يُحِلُّونَهُ عاماً). أي النسيء. أي : إذا أحلّوا شهرا من الأشهر الحرم عاما ، رجعوا فحرّموه في العام القابل. (٣)
(يُضَلُّ). يعقوب بكسر الضاد على أنّ الفعل لله. (لِيُواطِؤُا) أي : ليوافقوا عدّة الأربعة المحرّمة. واللّام متعلّقة بيحرّمونه. (فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ) لمواطاة العدّة وحدها من غير مراعاة الوقت. (زُيِّنَ لَهُمْ) ؛ أي : خذلهم حتّى حسبوا قبيح أفعالهم حسنا. (لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) هداية موصلة إلى الاهتداء. (٤)
[٣٨] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى
__________________
(١) ما يأتي بعد هذه العبارة قول الفرّاء وتلخيص المصنّف عنه لا يفيد المعنى. فراجع المصدر.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٤٤ ـ ٤٦.
(٣) الكشّاف ٢ / ٢٧٠.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٠٤.