الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ)
(اثَّاقَلْتُمْ). بعضهم لا كلّهم لمكان الحرّ وإدراك الثمار. (١)
(اثَّاقَلْتُمْ) ؛ أي : تباطأتم (إِلَى الْأَرْضِ). ضمن معنى الميل فعدّي بإلى. وكان ذلك في غزوة تبوك أمروا بها بعد رجوعهم من الطائف في وقت عسرة وقيظ مع بعد الشقّة وكثرة العدوّ فشقّ عليهم. (إِلَى الْأَرْضِ) ؛ أي : أرضكم ودياركم. (مِنَ الْآخِرَةِ) : بدل الآخرة ونعيمها. (مَتاعُ) ؛ أي التمتّع بها. (فِي الْآخِرَةِ) ؛ أي : في جنب الآخرة. (٢)
[٣٩] (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(إِلَّا تَنْفِرُوا) إلى ما استنفرتم إليه. (عَذاباً) بالإهلاك بسبب فظيع كقحط وظهور عدوّ. (غَيْرَكُمْ). أي مطيعين كأهل اليمن وأبناء فارس. (وَلا تَضُرُّوهُ) ؛ أي : لا يقدح تثاقلكم في نصرة دينه. فإنّه الغنيّ عن كلّ شيء. وقيل : الضمير للرسول. لأنّ الله وعده العصمة. (٣)
[٤٠] (إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
أعلمهم سبحانه أنّهم إن تركوا نصرة رسوله صلىاللهعليهوآله لم يضرّه ذلك ، كما لم يضرّه قلّة ناصريه بمكّة وهمّ به الكفّار فتولّى الله نصرته. (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من مكّة [فخرج] يريد المدينة. (ثانِيَ اثْنَيْنِ) : هو وأبو بكر. ومعناه : نصره الله منفردا [من كلّ شيء] إلّا من أبي بكر. والغار غار ثور جبل بمكّة. (إِذْ يَقُولُ) لأبي بكر : لا تخف. إنّ الله مطّلع علينا يحفظنا وينصرنا. ولمّا دخل الغار ، أرسل الله زوج حمام حتّى باضا في أسفل الغار والعنكبوت نسج
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٠٥.