القرآن. أو : الحكم والقضاء والقدر. (يَوْمَ خَلَقَ). متّصل بقوله : (عِنْدَ اللهِ). والعامل فيه الاستقرار. (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) : رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم. ومعنى حرم أنّه يعظّم انتهاك المحارم فيها أكثر ممّا يعظّم في غيرها. وكانت العرب تعظّمها ، حتّى لو أنّ رجلا لقي قاتل أبيه فيها ، لم يهجه لحرمتها. (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ؛ أي : ذلك الحساب المستقيم الصحيح لا ما كانت العرب تفعله من النسيء. وقيل : معناه : ذلك القضاء المستقيم الحقّ. (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ) ؛ أي : في هذه الأشهر كلّها أو في الحرم منها بترك الأوامر وارتكاب النواهي. (الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) ؛ أي : قاتلوهم جميعا مؤتلفين غير مختلفين ، كما يقاتلونكم كذلك. فيكون كافّة حالا من المسلمين. (مَعَ الْمُتَّقِينَ) بالنصرة والولاية. (١)
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ؛ أي : تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم ، دين إبراهيم وإسماعيل ، أخذته العرب وراثة منهما. (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ) ؛ أي : في الحرم. (أَنْفُسَكُمْ) ؛ أي : لا تجعلوا حرامها حلالا. وعن عطاء : ما يحلّ للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الأشهر الحرم إلّا أن يقاتلوا ، وما نسخت. وعن عطاء [الخراسانيّ] : أحلّت القتال في الأشهر الحرم براءة من الله. (٢)
[٣٧] (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)
(النَّسِيءُ). أبو جعفر : «النسي» بالتشديد من غير همز. وقرأ جعفر بن محمّد عليهماالسلام مخفّفا على وزن الهدي. (إِنَّمَا النَّسِيءُ). يعني تأخير الأشهر الحرم عمّا رتّبها الله عليه. وكانت العرب تحرّم الشهور الأربعة. وذلك ممّا تمسّكت به من ملّة إبراهيم وإسماعيل. وهم كانوا أصحاب غارات وحروب ، فربما كان يشقّ عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤١ ـ ٤٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ٢٦٩.