فقلت : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يوارث من لم يهاجر ولا ثبت له ولاية حتّى يهاجروا. قال : ما حجّتك فيه؟ قلت : قول الله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا) ـ الآية. وإنّ عمّي العبّاس لم يهاجر. فقال : لا تفت بهذا أحدا. فقلت : لا. (١)
[٧٣] (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) ـ الآية. ظاهره إثبات الموالاة بينهم كما [قال] في المسلمين : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ). ومعناه نهي المسلمين عن موالاة الذين كفروا وموارثتهم وإيجاب مباعدتهم وإن كانوا أقارب وأن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا. (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) ؛ أي : إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولّي بعضهم بعضا حتّى في التوارث تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة ولم تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفّار ، يحصل فتنة في الأرض (وَفَسادٌ كَبِيرٌ) : ومفسدة عظيمة. لأنّ المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على المشركين ، كان الشرك ظاهرا والفساد زائدا. (٢)
[٧٤] (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
(هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا). لأنّهم صدّقوا إيمانهم وحقّقوه بتحصيل مقتضياته من هجرة الوطن ومفارقة الأهل والانسلاخ من المال لأجل الدين. وليس بتكرار. لأنّ هذه الآية واردة للثناء عليهم والشهادة لهم مع الموعد الكريم والأولى للأمر بالتواصل. (٣)
[٧٥] (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
__________________
(١) العيون ١ / ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) الكشّاف ٢ / ٢٤٠.
(٣) الكشّاف ٢ / ٢٤٠.