فذكر التابع وأراد المتبوع. (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) ؛ أي : صفته التي هي مثل في الخسّة والضعة كمثل الكلب في أخسّ أحواله وأذلّها وهي حال دوام اللهث واتّصاله سواء هيّج أو لم يهيّج. وكان حقّ الكلام أن يقال لكنّه أخلد إلى الأرض فحططناه ووضعنا منزلته. فوضع قوله : (كَمَثَلِ الْكَلْبِ) موضع فحططناه أبلغ حطّ ، لأنّ تمثيله بالكلب في أخسّ أحواله وأذلّها في معنى ذلك. ومحلّ الجملة الشرطيّة النصب على الحال. كأنّه قيل : كمثل الكلب ذليلا لاهثا في الحالتين. وقيل : لمّا دعا بلعم على موسى ، خرج لسانه فوقع على صدره وجعل يلهث كما يلهث الكلب. (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) من اليهود بعد ما قرؤوا نعت رسول الله صلىاللهعليهوآله في التوراة وذكّروا الناس بقرب مبعثه وكانوا يستفتحون به. (فَاقْصُصِ) قصّة بلعم التي هي مثل قصصهم. (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فيحذرون مثل عاقبته إذ ساروا نحو سيرته ويعلمون أنّك علمته من جهة الوحي فتزداد الحجّة لزوما لهم. (١)
(إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) لضعف فؤاد الكلب. اللهث : إدلاع اللسان من التنفّس الشديد. (٢) والمعنى : إن وعظته فهو ضالّ وإن لم تعظه فهو ضالّ في كلّ حال. كما أنّ كلّ شيء يلهث إنّما يلهث في حال الإعياء والكلال إلّا الكلب فإنّه يلهث في كلّ حال. وقيل : إنّما شبّهه بالكلب في الخسّة وقصور الهمّة وسقوط المنزلة ، ثمّ وصف الكلب بما هو عادته من اللهث. (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ). عن أبي جعفر عليهالسلام : الأصل في بلعم ، ثمّ ضربه الله مثلا لكلّ مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة. (٣)
[١٧٧] (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ)
(ساءَ مَثَلاً) ؛ أي : ساء مثلا مثل القوم. (٤)
(ساءَ مَثَلاً) ؛ أي : ساء مثل القوم. أو : ساء أصحاب مثل القوم. (وَأَنْفُسَهُمْ). إمّا أن يكون معطوفا على كذّبوا فيدخل في حيّز الصلة ، أي الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٦٨.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٧٦٩ ـ ٧٧٠.
(٤) مجمع البيان ٤ / ٧٨٠.