عن الرضا عليهالسلام أنّه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم ، فكان يدعو به ويستجيب له. فمال إلى فرعون. فلمّا مرّ فرعون في طلب موسى وأصحابه ، قال فرعون لبلعم : ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا. فركب حمارته ليمرّ في طلب موسى ، فامتنعت عليه حمارته. فأقبل يضربها ، فأنطقها الله عزوجل فقالت : ويلك! على ما تضربني؟ أتريد أن أجيء معك لتدعو على نبيّ الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتّى ماتت وانسلخ الاسم الأعظم من لسانه. وهو قوله تعالى : (فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) ـ الآية. فقال الرضا عليهالسلام : لا يدخل الجنّة من البهائم إلّا ثلاثة : حمارة بلعم ، وكلب أصحاب الكهف ، والذئب وسببه أنّه بعث ملك ظالم رجلا شرطيّا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذّبهم ، وكان للشرطيّ ابن يحبّه ، فجاء ذئب فأكل ابنه ، فحزن الشرطيّ عليه. فأدخل الله ذلك الذئب الجنّة لمّا أحزن الشرطيّ. (١)
كان عالم من علماء بني إسرائيل اسمه بلعم أوتي علم بعض كتب الله (فَانْسَلَخَ مِنْها) بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره. فلحقه الشيطان وصار قرينا له ، فصار (مِنَ الْغاوِينَ) ؛ أي : الكافرين. (٢)
[١٧٦] (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ) ؛ أي : لعظّمناه ورفعناه إلى منازل الأبرار من العلماء بتلك الآيات. (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) ؛ أي : مال إلى الدنيا ورغب فيها. وقيل : مال إلى السفالة. فإن قلت : كيف علّق رفعه بمشيّة الله ولم يعلّق بفعله الذي بستحقّ به الرفع؟ قلت : المعنى : ولو لزم العمل بالآيات ولم ينسلخ منها ، لرفعناه بها. وذلك أنّ مشيّة الله رفعه تابعة للزومه الآيات ،
__________________
(١) تفسير القمّيّ ١ / ٢٤٨.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٧٨.