هو بواد الروحاء بين مكّة والطائف. فمسح على ظهر آدم ثمّ صرخ بذرّيّته وهم ذرّ ، فخرجوا كما يخرج النحل من كورها ، فاجتمعوا على شفير الوادي. فقال الله : يا آدم ، هؤلاء ذرّيّتك أخرجتهم من ظهرك لآخذ عليهم الميثاق لي بالربوبيّة ولمحمّد صلىاللهعليهوآله بالنبوّة ، كما أخذته في السماء. قال آدم : فما تريد منهم في الميثاق؟ قال الله : أن لا يشركوا بي شيئا ـ الحديث. (١) وفيه دلالة على تعدّد الميثاق كما قدّمناه وجمعنا به بين ظاهر الأخبار المختلفة. وأمّا سيّدنا المرتضى وشيخنا المفيد وأمين الإسلام الطبرسيّ ، فطعنوا في هذه الأخبار واعترضوا على ظاهرها وبأنّها غير منطبقة على ألفاظ الآية. وقد حقّقنا الأجوبة عنها في المجلّد السادس من شرحنا على تهذيب الأحكام.
الثاني : ما ذكروه من حمل الآية على الاستعارة والمجاز ؛ وهو : انّ الله أخذ من كلّ مكلّف يخرج من ظهر آدم وظهور ذرّيّته العهد إليه بالربوبيّة من حيث أكمل عقله ودلّه بآثار الصنع على حدوثه وأنّ له محدثا أحدثه يستحقّ العبادة منه. فذلك هو أخذ العهد والإشهاد لهم على أنفسهم بأنّه تعالى ربّهم. وقوله : (قالُوا بَلى) يريد أنّهم لم يمتنعوا من آثار الصنع فيهم ودلائل حدوثهم اللّازم لهم وحجّة العقل عليهم في إثبات صانعهم. فكأنّه سبحانه لمّا ألزمهم الحجّة بعقولهم على حدوثهم قال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)؟ فلمّا لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدوث لهم ، كانوا كالقائلين : بلى شهدنا. وقوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ) ـ الآية ـ ألا ترى أنّه احتجّ عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأوّلوا في إنكاره ولا يستطيعون؟ وهذا المعنى هو الذي اقتصر عليه أكثر المفسّرين. والرازيّ في تفسيره الكبير ، وإن ذكر القول الأوّل وقوّاه وأجاب عن الشبه الواردة عليه ، إلّا أنّه لم يقطع الرأي عليه كما هي عادته في المسائل.
الثالث : ما قاله المرتضى من أنّه سبحانه عنى بالآية جماعة من ذرّيّة بني آدم خلقهم وأكمل عقولهم وقرّرهم على ألسن رسله عليهمالسلام بمعرفته وما يجب من طاعته فأقرّوا بذلك و
__________________
(١) انظر : تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢١٨ ـ ٢٢٠.