(أَقامُوا الصَّلاةَ). أفرد بالذكر لأنّها عماد الدين وفارقة بين الكفر والإيمان. (١)
[١٧١] (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) : قلعناه ورفعنا فوقهم الطور. والظلّة : كلّ ما أظلّك من سقيفة أو سحاب. (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ) ؛ أي : ساقط عليهم. وذلك أنّهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لغلظها وثقلها ، فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم ـ وكان فرسخا في فرسخ ـ وقيل لهم : إن قبلتموها بما فيها ، وإلّا ليقعنّ عليكم. فلمّا نظروا إلى الجبل ، خرّ كلّ رجل منهم ساجدا على حاجبه الأيسر وهو ينظر بعينه إلى الجبل فرقا من سقوطه. فلذلك لا ترى يهوديّا يسجد إلّا على حاجبه الأيسر ويقولون : هي السجدة التي رفعت بها عنّا العقوبة. (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) ؛ أي : وقلنا : خذوا ما آتيناكم من الكتاب بقوّة وعزم على احتمال تكاليفه. (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) من الأوامر والنواهي ولا تنسوه. (٢)
[١٧٢] (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ) ـ الآية. اعلم أنّ هذه الآية من مطارح الأنظار بين علماء الإسلام. وقد ذكروا فيها ضروبا من التفسير :
الأوّل : ما قاله أهل الحديث من علمائنا وطائفة من أهل الخلاف من أنّها إشارة إلى العهد الذي أخذها الله على الأرواح بالإقرار له بالربوبيّة في عالم الميثاق وسمّي عالم الأرواح وعالم الذرّ. والأخبار الواردة فيه من طرف الخاصّة ممّا تقرب من التواتر. وهي على اختلاف ألفاظها ترجع إلى شيء واحد وهو ما قلناه. روى الثقة العيّاشيّ في التفسير وغيره في غيره عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ الله أهبط وحيه إلى الأرض إلى آدم و
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٧٥.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٧٥.