أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ) ؛ أي : من بعد المذكورين (خَلْفٌ) وهم الذين كانوا في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله (وَرِثُوا) التوراة ؛ أي : بقيت في أيديهم بعد أسلافهم يقرؤونها ويقفون على ما فيها من الأحكام ولا يعملون بها. (عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) ؛ أي : حطام هذا الشيء الدني ، يعني الدنيا. والمراد ما كانوا يأخذون من الرشاء في الأحكام وعلى تحريف الكلم للتسهيل على العامّة. (سَيُغْفَرُ لَنا) ؛ أي : لا يؤاخذنا الله. وفاعل سيغفر [الجارّ والمجرور وهو] لنا أو هو مصدر يأخذون. (وَإِنْ يَأْتِهِمْ). الواو للحال. أي يرجون المغفرة وهم مصرّون عائدون إلى مثل فعلهم ، وغفران الذنوب إنّما يكون بالتوبة. (مِيثاقُ الْكِتابِ). يعني قوله في التوراة : من ارتكب ذنبا عظيما ، لا يغفر إلّا بالتوبة. (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) : ما في الكتاب من اشتراط التوبة في [غفران الذنوب]. (خَيْرٌ) من ذلك العرض الخسيس. (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الرشاء والمحارم. وقوله : (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ) عطف بيان لميثاق الكتاب ، أي الميثاق المذكور في الكتاب وفيه أنّ إثبات المغفرة بغير توبة خروج عن ميثاق الكتاب. وإن فسّر ميثاق الكتاب بما تقدّم كان (أَنْ لا يَقُولُوا) مفعولا له. (دَرَسُوا ما فِيهِ). عطف على لم يؤخذ لأنّه تقرير. فكأنّه قيل : أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا. (١)
[١٧٠] (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠))
(الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ). مرفوع بالابتداء وخبره (إِنَّا لا نُضِيعُ). أو مجرور عطفا على (الَّذِينَ يَتَّقُونَ). و (إِنَّا لا نُضِيعُ) اعتراض. (٢)
(يُمَسِّكُونَ). أبو بكر بتسكين الميم. أي : يتمسّكون بالتوراة ولا يحرّفونه. (٣)
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٧٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٧٦٣.