(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ممّا يحتاجون إليه من أمر الدين. (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً). بدل من الجارّ والمجرور. أي : كتبنا له كلّ شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام. والألواح كانت عشرة أو سبعة عشر من زمرّد أو زبرجد أو ياقوت أحمر أو صخرة ليّنها الله لموسى فقطّعها بيده. (فَخُذْها). على إضمار القول ، عطفا على كتبنا. أي الألواح ، أو كلّ شيء. (بِقُوَّةٍ) ؛ أي : بجدّ وعزيمة. (بِأَحْسَنِها) ؛ أي : أحسن ما فيها كالصبر والعفو بالإضافة إلى الانتصار والاقتصاص على طريق الندب والحثّ على الأفضل. كقوله : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ). (١) أو بواجباته. فإنّ الواجب أحسن من غيره. (دارَ الْفاسِقِينَ) : دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها ـ أو منازل عاد وثمود وأضرابهم ـ لتعتبروا فلا تفسقوا. أو : دارهم في الآخرة وهي جهنّم. (٢)
(بِأَحْسَنِها) ؛ أي : الفرائض والنوافل. فإنّها أحسن من المباحات. (٣)
[١٤٦] (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)
(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) ؛ أي : سأصرف عن نيل الكرامة المتعلّقة بآياتي والاعتزاز بها ـ كما يناله المؤمنون في الدنيا والآخرة ـ المستكبرين في الأرض بغير الحقّ ، كما فعل بقوم موسى وفرعون. فإنّه أنجى قوم موسى وأهلك قوم فرعون. والآيات هي الأدلّة ومعجزات الأنبياء. وقيل : معناه : سأمنع الكاذبين والمتكبّرين آياتي ومعجزاتي وأصرفها عنهم وأخصّ بها الأنبياء عليهمالسلام فلا أظهرها إلّا عليهم. (٤)
(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) المنصوبة في الآفاق والأنفس (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ) بالطبع على
__________________
(١) الزمر (٣٩) / ٥٥.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٧٣٤.
(٤) مجمع البيان ٤ / ٧٣٥.