لأنّه بمعنى يبيّن. (أَنْ لَوْ نَشاءُ) : الشأن لو نشاء أصبناهم بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم. وهو فاعل يهد. (١)
(أَصَبْناهُمْ) : كما أصبنا من قبلهم. (وَنَطْبَعُ). معطوف على ما دلّ عليه معنى (أَوَلَمْ يَهْدِ). كأنّه قيل : يغفلون عن الهداية ونطبع على قلوبهم. أو على (يَرِثُونَ الْأَرْضَ). أو يكون منقطعا بمعنى : ونحن نطبع على قلوبهم. (٢)
[١٠١] (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ)
(بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ). قد عرفت أن المراد ـ كما في الأخبار ـ ولاية آل محمّد عليهمالسلام ، لأنّهم كذّبوا بها في عالم الذرّ والأرواح. وفي قوله : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) أنّ الأكثر نقض عهد الولاية الذي أقرّ به في ذلك العالم. فكيف التوفيق بين الأخبار؟ قلت : يمكن الجمع بوجوه. الأوّل : تعدّد الميثاق في ذلك العالم ، فوقع في واحد إنكار وفي الآخر إقرار. الثاني : انّ الإقرار والتصديق وقع من الأرواح الصرفة المجرّدة عن الذوات التي استخرجت من صلب آدم ، والإنكار قد وقع بعد التعليق بذلك الموادّ. الثالث : أن يكون الإقرار لسانا والإنكار اعتقادا. وفي الأخبار دلالة عليه. الرابع : انّ الإقرار قد صدر في ذلك العالم قبل وقوع التكليف بدخول النار التي أجّجها وكلّف الفريقين دخولها والإنكار بعده. فتأمّل.
(تِلْكَ الْقُرى) ؛ يعني : قرى الأمم المارّ ذكرهم. (نَقُصُّ عَلَيْكَ). حال ، إن جعل القرى خبرا ويكون إفادته بالتقييد بها. وخبر ، إن جعلت صفة. ويجوز أن يكونا خبرين. ومن للتبعيض. أي : نقصّ بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لا نقصّها. (بِالْبَيِّناتِ) : المعجزات. (لِيُؤْمِنُوا) عند مجيئهم بها. (بِما كَذَّبُوا) ؛ أي : بما كذّبوه من قبل الرسل ، بل كانوا مستمرّين على التكذيب. أو : ما كانوا ليؤمنوا مدّة عمرهم بما كذّبوا به أوّلا حين جاءتهم الرسل ولم يؤثّر قطّ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥١.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٣٤ ـ ١٣٥.