اسميّتين. (١)
[٩٣] (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣))
(لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ). قاله تأسّفا لشدّة حزنه عليهم. ثمّ أنكر على نفسه فقال : (فَكَيْفَ آسى) ؛ أي : ليسوا أهل حزن لاستحقاقهم ما نزل بكفرهم. أو قاله اعتذارا عن عدم شدّة حزنه عليهم والمعنى : لقد بالغت في الإبلاغ والإنذار فلم تصدّقوا قولي. فكيف آسى عليكم؟ (٢)
(فَكَيْفَ آسى) وإن كان على لفظ الاستفهام المراد به النفي. وفيه دلالة على أنّه لا يجوز للمسلم أن يدعو للكافر بالخير وأنّه لا يجوز الحزن على هلاك الكافرين والظالمين. (٣)
[٩٤] (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤))
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ). حقيقة المعنى فيها أنّه سبحانه يدبّر خلقه الذين يعصونه بأن يأخذهم تارة بالشدّة وتارة بالرخاء ، فإذا أفسدوا على الأمرين جميعا ، أخذهم فجأة ليكون ذلك أعظم في الحسرة وأبلغ في العقوبة. (فِي قَرْيَةٍ) من القرى التي أهلكناها بالعذاب أو في سائر القرى. (يَضَّرَّعُونَ) ؛ أي : يتوبون ويعلمون أنّه مقدّمة العذاب. ويعني بالبأساء ما نالهم من الشدّة في أنفسهم وبالضرّاء ما نالهم في أموالهم. وقيل : إنّ البأساء الجوع ، والضرّاء الفقر. (٤)
(الْبَأْساءِ) ؛ أي : البؤس والضرّ. (يَضَّرَّعُونَ) : كي يتضرّعوا ويتذلّلوا. (٥)
[٩٥] (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥٠.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٦٩٤.
(٤) مجمع البيان ٤ / ٦٩٥.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥٠.