(حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ). (١) وقيل : ينالهم جميع ما كتب لهم وعليهم حتّى إذا جاءتهم الملائكة لحشرهم يتوفّونهم إلى النار يوم القيامة. (أَيْنَ ما كُنْتُمْ). توبيخ لهم. أي : هلّا دفعوا عنكم ما نزل بكم من العذاب؟ (وَشَهِدُوا) ؛ أي : أقرّوا. (٢)
(أَظْلَمُ) ؛ أي : أشنع ظلما. (مِنَ الْكِتابِ) ؛ أي : ما كتب لهم من الأرزاق والأعمار. (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ). حتّى غاية لنيلهم نصيبهم واستيفائهم له. [أي :] إلى وقت وفاتهم. وهي حتّى التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام هنا الجملة الشرطيّة. و (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) حال من الرسل ؛ أي : متوفّيهم. والرسل ملك الموت وأعوانه. و (ما) وقعت موصولة بأين في خطّ المصحف وكان حقّها أن تفصل لأنّها موصولة بمعنى : أين الآلهة التي تدعون؟ (ضَلُّوا عَنَّا) ؛ أي : غابوا عنّا فلا نراهم ولا ننتفع بهم ، اعترافا منهم بأنّهم لم يكونوا على شيء فيما كانوا عليه وأنّهم لم يحمدوه في العاقبة. (٣)
[٣٨] (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ)
(قالَ ادْخُلُوا) ؛ أي : يقول الله تعالى يوم القيامة لأولئك الذين قال فيهم : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ) وهم كفّار العرب. (فِي أُمَمٍ). في موضع الحال. أي : كائنين في جملة أمم وفي غمارهم مصاحبين لهم. أي : ادخلوا في النار مع أمم (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) وتقدّم زمانهم زمانكم. (لَعَنَتْ أُخْتَها) التي ضلّت بالاقتداء بها. (ادَّارَكُوا) ؛ أي : تداركوا. بمعنى تلاحقوا واجتمعوا في النار. (قالَتْ أُخْراهُمْ) منزلة. وهم الأتباع والسفلة. (لِأُولاهُمْ) منزلة. وهي القادة والرؤوس. ومعنى لأولاهم : لأجل أولاهم. لأنّ خطابهم مع الله لا معهم. (عَذاباً
__________________
(١) الزمر (٣٩) / ٧١.
(٢) مجمع البيان ٤ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣.
(٣) الكشّاف ٢ / ١٠٢.