أحدهما تقليد لا يفيد العلم ، والثاني افتراء على الله وإلحاد في صفاته. كانوا يقولون : لو كره الله منّا ما نفعله ، لنقلنا عنه. وفي الأثر أنّ الله بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله إلى العرب وهم قدريّة مجبّرة يحملون ذنوبهم على الله. وتصديقه قول الله عزوجل : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً). ـ الآية. وقيل : المراد بالفاحشة طوافهم بالبيت عريانا. (١)
(وَاللهُ أَمَرَنا) : إنّ الله أمر آباءنا بها. (٢)
[٢٩] (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)
(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) حضرتكم الصلاة ولا تؤخّروها حتّى تعودوا إلى مساجدكم. (كَما بَدَأَكُمْ) ؛ أي : كما بدأكم من التراب تعودون إليه. (٣)
(بِالْقِسْطِ) ؛ أي : بالعدل وبما قام في النفوس أنّه مستقيم حسن عند كلّ مميّز. [(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) : وقل : أقيموا وجوهكم ؛ أي : اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين] عنها إلى غيرها. (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : في وقت كلّ سجود. أو : في كلّ مكان سجود. وهو الصلاة. (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ؛ أي : كما أنشأكم ابتداء يعيدكم. احتجّ عليهم في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق. والمعنى : أنّه يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم ، فأخلصوا له العبادة. (٤)
(وَأَقِيمُوا). عطف على (لا يَفْتِنَنَّكُمُ) ؛ أي : احذروا الشيطان وأقيموا. (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ؛ أي : أخلصوا وجوهكم لله في الطاعة فلا تشركوا به غيره. (كَما بَدَأَكُمْ). وجه اتّصاله بما قبله أنّ معناه : وادعوه مخلصين ؛ فإنّكم مبعوثون ومجازون. وإن بعد ذلك في عقولكم ، فاعتبروا بالابتداء واعلموا أنّه كما بدأكم في الخلق الأوّل فإنّه يبعثكم.
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٩٩.
(٢) مجمع البيان ٤ / ٦٣٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٣٦.
(٤) الكشّاف ٢ / ٩٩.