تغليب الشهوات على قلوبهم. (١)
(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) ؛ أي : من جميع الجهات. مثّل قصده إيّاهم بالتسويل والإضلال من أيّ جهة يمكنه بإتيان العدوّ من الجهات الأربع. ولذلك لم يقل : من فوقهم ومن تحتهم. وقيل : لم يقل : من فوقهم ، لأنّ الرحمة تنزل منه. ولم يقل : من تحتهم ، لأنّ الإتيان منه يوحش [الناس]. ويحتمل أن يقال : من بين أيديهم من حيث يعلمون ويقدرون التحرّز عنه. ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون. وعن أيمانهم وعن شمائلهم من حيث يتيسّر لهم أن يعلموا أو يتحرّزوا ولكن لم يفعلوا لعدم تيقّظهم واحتياطهم. وإنّما عدّى الفعل إلى الأوّلين بحرف الابتداء لأنّه [موجّه إليهم ، وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة فإنّ الآتي] منهما كالمنحرف عنهم المارّ على عرضهم. ونظيره قولهم : جلست عن يمينه. (٢)
(شاكِرِينَ). قال أبو جعفر عليهالسلام : يا زرارة ، إنّما عمد لك ولأصحابك. فأمّا الآخرون فقد فرغ منهم. (٣)
(شاكِرِينَ) : مطيعين. وإنّما قاله ظنّا ؛ لقوله : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ)(٤) لمّا رأى فيهم مبدأ الشرّ متعدّدا ومبدأ الخير واحدا. وقيل : سمعه من الملائكة. (٥)
[١٨] (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)
(مَذْؤُماً) ؛ أي : مذموما. من ذأمه ، إذا ذمّه. (مَدْحُوراً) : مطرودا. (لَمَنْ تَبِعَكَ). اللّام لتوطئة القسم. وجوابه : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ). وهو سادّ مسدّ جواب الشرط. ومعنى (مِنْكُمْ) منك ومنهم فغلب المخاطب. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ٤ / ٦٢٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٣) الكافي ٨ / ١٤٥ ، ح ١١٨.
(٤) سبأ (٣٤) / ٢٠.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٣٤.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٣٤.