وحججه، لقوله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)(١)، أي: إنّ مريم عليهاالسلام من الحجج الإلهية، كما سيأتي بيان الآيات الأخرى المفسرة لمعنى كونها آية.
كما أنها مقتضٍ لنبوّة عيسى عليهالسلام لكونها قد حضيت بتكليم الله تعالى فضلاً عن تحديث الملائكة لها وتلقّيها البشارة، كما أنّ تبتّلها ومقامها وفضلها كان إحدى مرتكزات بني اسرائيل كما يشير إلى ذلك قوله تعالى (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)(٢) وقوله (وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا)(٣) مما أكّد على مصداقيتها لديهم. فكان قبول معجزة عيسى ونبوّته بعد ذلك إحدى موجبات حجّيتها لديهم، لذا فإنّ أخيارهم وعقلائهم قبلوا المعجزة وسلّموا لها، وبقي جُهّالهم وطغاتهم يخوضون في بهتانها وايذاءها وهو شأنهم.
فأمرُ الله تعالى لها بتحمّل مسؤولية الإنجاب بطريقة المعجزة من دون
__________________
(١) البقرة /٢٨٥.
(٢) آل عمران / ٤٤.
(٣) آل عمران / ٣٧.