فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبّرون عنه جلّ وعزّ، وهم الأنبياء عليهمالسلام وصَفْوَتُه من خلقه، حكماء مؤدَّبين بالحكمة، مبعوثين بها، غيرُ مشاركين للناس ـ على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ـ في شيء من أحوالهم، مؤيّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة.
ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر وزمان ممّا أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجّة يكون معه علمٌ يدلّ على صدق مقالته وجواز عدالته»(١).
فالحجّة إذَنْ هو الدليل إلى الله تعالى يُحذّر به عباده وينذرهم ويهديهم. فمقام الحجّية إلهيّ تصل بوساطته العلوم الإلهية اللدنيّة إلى عباده.
وإذا كان أهل البيت عليهمالسلام حجج الله على خلقه فإنّ أمّهم فاطمةَ حجّةُ الله عليهم، وهي ما صرّحت به رواية العسكري عليهالسلام: «نحن حجّة الله على الخلق، وفاطمة عليهاالسلام حجّة علينا»(٢).
ويشهد لهذا المعني ما ورد عن مصادر علومهم عليهمالسلام كالجفر والصحيفة والجامعة، وأنّ منها مصحف فاطمة عليهاالسلام مما يدلّ على كونها واسطة علمية بين الأئمّة عليهمالسلام وبين اللَّه تعالى في العلم المحفوظ
__________________
(١) الكافي ١/١٦٨. (كتاب الحجّة، الباب الأول: باب الإضطرار إلى الحجّة، الحديث ١).
(٢) تفسير أطيب البيان ١٣/٢٣٥.