(لَهُمْ) ؛ أي : للّذين حرّموا البحيرة وغيرها. (إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) من القرآن وما فيه (وَإِلَى الرَّسُولِ) وتصديقه والاقتداء بأفعاله ، (قالُوا حَسْبُنا) : كفانا (ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من المذاهب. فأنكر عليهم بقوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ) ـ الآية. (١)
[١٠٥] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
(عَلَيْكُمْ) ؛ أي : احفظوا أنفسكم من ملابسة المعاصي. (مَنْ ضَلَّ) من آبائكم وغيرهم. يقال : هذه الآية تدلّ على جواز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وجوابه : انّ الآية إنّما تدلّ على أنّ المطيع لربّه لا يؤاخذ بذنوب العاصي. وإنّ الاقتصار على الاهتداء ، إنّما يجوز في حال التقيّة أو حال لا يجوّز تأثير إنكاره فيها أو يتعلّق بإنكاره مفسدة. أو يكون المراد : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ؛ يعني : عليكم أهل دينكم. ففيها دلالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) ؛ أي : مصيركم ومصير من خالفكم. (٢)
[١٠٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا). سبب نزولها : انّ ثلاثة نفر خرجوا تجّارا من المدينة إلى الشام : تميم الداريّ ، وأخوه عديّ وهما نصرانيّان وابن مارية وكان مسلما. حتّى إذا كانوا ببعض الطريق ، مرض ابن مارية. فكتب وصيّته ودسّها في متاعه وأوصى إليهما ودفع المال إليهما وقال : أبلغا هذا أهلي. فلمّا مات ، فتحا المتاع وأخذا ما أعجبهما منه. ثمّ رجعا بالمال إلى الورثة. فلمّا فتّشوا المال ، فقدوا بعض ما كان خرج به صاحبهم ونظروا إلى الوصيّة فوجدوا
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٣٩١.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣.