أنسابهم ، فأجابهم بما يقتضي انتسابهم لغير آبائهم. وسألوه عن آبائهم أهم في الجنّة أم في النار ، فأجابهم بما يسوؤهم ويدخل الحزن عليهم. ثمّ قال : والذي نفسي بيده ، لقد صوّرت لي الجنّة والنار في عرض هذا الحائط ، فلم أر كاليوم في الخير والشرّ. (١)
وعن الباقر عليهالسلام : أنّ عمر بن الخطّاب قال لصفيّة بنت عبد المطّلب : لا تنفعك قرابتك من رسول الله صلىاللهعليهوآله. فلمّا أخبرت رسول الله صلىاللهعليهوآله نادى بالصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، وقال : ما بال قوم يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع؟ لو قمت المقام ، لشفعت في جاركم. (٢) لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلّا أخبرته. فقام إليه ناس فسألوه ، فأخبرهم بما مرّ ذكره. ثمّ قال : ما بال الذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام إليه عمر فقال : أعوذ بالله ـ يا رسول الله ـ من غضب الله وغضب رسول الله. فأنزل الله الآية. (٣)
أقول : لو أنّ عمر بقي حتّى يبيّن له النسب الواضح المعروف بين المورّخين والمحدّثين ، لرأى ما يفضي إلى العجب العجاب. وقد ذكرنا نبذة منه في مطاوي شرحنا على تهذيب الحديث.
قيل : كان قوم يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآله استهزاء مرّة وامتحانا مرّة فيقول له بعضهم : من أبي؟ ويقول الآخر : أين أبي؟ وإذا ضلّت ناقة أحدهم : أين ناقتي؟ فنزلت. (٤)
وعن ابن عبّاس : انّه عليهالسلام كان يخطب ذات يوم غضبان من كثرة ما يسألونه عنه ممّا لا يعنيهم فقال : لا أسأل عن شيء إلّا أجبت. فقال رجل : أين أبي؟ قال : في النار. وقال آخر : من أبي. قال : حذافة. وكان يدعى لغيره. فنزلت. (٥)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا). متّصل بقوله : (وَما تَكْتُمُونَ) ومتّصل بقوله : (تُفْلِحُونَ). لأنّ من الفلاح ترك السؤال عمّا لا يحتاج إليه. (٦)
الجملة الشرطيّة والمعطوفة عليها ـ أعني (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) إلى قوله : (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها)
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٣٦٨.
(٢) المصدر : أحوجكم.
(٣) تفسير القمّيّ ١ / ١٨٨.
(٤) مجمع البيان ٣ / ٣٨٦.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٨٥.
(٦) مجمع البيان ٣ / ٣٨٧.