اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)(١). (٢)
(اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) ؛ أي : أنا عبد مربوب مثلكم فاعبدوا خالقي وخالقكم. (مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) في عبادته أو فيما يخصّ به من الصفات والأفعال. (فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ). يمنع من دخولها كما يمنع المحرّم عليه من المحرّم. فإنّها دار الموحّدين. (وَما لِلظَّالِمِينَ) ؛ أي : وما لهم أحد ينصرهم من النار. فوضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا على أنّهم ظلموا بالإشراك وعدلوا عن طريق الحقّ. وهو يحتمل أن يكون تمام كلام عيسى وأن يكون من كلام الله نبّه به على أنّهم قالوا ذلك تعظيما لعيسى وتقرّبا إليه وهو معاديهم بذلك وهو مخاصمهم فيه ، فما ظنّك بغيره. (٣)
[٧٣] (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
(ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ؛ أي : أحد ثلاثة. وهي حكاية عمّا قاله النسطوريّة القائلون بالأقانيم الثلاثة. وما سبق قول اليعقوبيّة القائلين بالاتّحاد. (وَما مِنْ إِلهٍ) ؛ أي : ما في الوجود ذات واجب مستحقّ للعبادة من حيث إنّه مبدأ جميع الموجودات إلّا إله موصوف بالوحدانيّة متعال عن قبول الشركة. ومن مزيدة للاستغراق. (لَيَمَسَّنَّ) الذين بقوا منهم على الكفر. أو : ليمسّنّ الذين كفروا من النصارى. وضعه موضع ليمسّنّهم تكريرا للشهادة على كفرهم وتنبيها على أنّ العذاب على من دام على الكفر ولم يقلع عنه. (عَمَّا يَقُولُونَ) ولم يوحّدوا. (٤)
(إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ). قاله الجمهور من النصارى. لأنّهم يقولون [ثلاثة] أقانيم جوهر واحد أب وابن وروح القدس إله واحد ، ولا يقولون ثلاثة آلهة ويمنعون من هذه العبارة. وإن كان يلزمهم أن يقولوا إنّهم ثلاثة آلهة ، فيصحّ أن يحكى عنهم بالعبارة اللّازمة. (عَمَّا
__________________
(١) المائدة (٥) / ٧٣.
(٢) تفسير القمّيّ ١ / ٢٨٩.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٧.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨.