فتنتهم ، أو مفعول له ، أي : احذرهم مخافة أن يفتنوك. روي أنّ أحبار اليهود قالوا : اذهبوا بنا إلى محمّد لعلّنا نفتنه عن دينه. فقالوا : يا محمّد ، قد عرفت أنّا أحبار اليهود وأنّا [إن] اتّبعناك اتّبعنا اليهود كلّهم. وإنّ بيننا وبين قومنا خصومة ، فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدّقك. فأبى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله. فنزلت. (فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الحكم المنزل وأرادوا غيره. (١)
(أَنْ يُصِيبَهُمْ). قيل : المراد بذلك إجلاء بني النضير. لأنّ علماءهم [لمّا] كفروا وكتموا الحقّ ، عوقبوا بالجلاء. وقيل : المراد بنو قريظة لمّا نقضوا العهد يوم الأحزاب ، عوقبوا بالقتل. (٢)
(بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) ؛ يعني : ذنب التولّي عن حكم الله. فعبّر عنه بذلك تنبيها على أنّ لهم ذنوبا كثيرة. وهذا مع عظمته واحد منها معدود من جملتها. وفيه دلالة على التعظيم. (لَفاسِقُونَ) : لمتمرّدون في الكفر. (٣)
[٥٠] (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ) الذي هو الميل والمداهنة في الحكم. والمراد بالجاهليّة التي هي متابعة الهوى. وقيل : نزلت في بني قريظة وبني النضير ، طلبوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يحكم بما يحكم به أهل الجاهليّة من التفاضل بين القتلى. وقرأ ابن عامر : «تبغون» بالتاء ، على : قل لهم : أفحكم الجاهليّة تبغون؟ (٤)
(يَبْغُونَ). المراد بهم اليهود. لأنّهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إيّاه وإذا وجب على أقويائهم وأشرافهم لم يؤاخذوهم به. فقيل لهم : أفحكم الجاهليّة ـ أي عبدة الأوثان ـ تطلبون وأنتم أهل الكتاب؟ (٥)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٦٩.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٣١٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٠.
(٥) مجمع البيان ٣ / ٣١٦.