ممّا يقرب من خمسمائة طريق إلّا أنّهم طوّلوا عليه لسان التأويل. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). (١)
(الْيَوْمَ). فيه أقوال. أحدها : أكملت لكم فرائضكم وحلالي وحرامي ، فلا زيادة ولا نقصان بالنسخ. وكان يوم عرفة عام حجّة الوداع. عن ابن عبّاس وجماعة. ومات بعد الآية بإحدي وثمانين ليلة. وأمّا وصف الدين بالكمال ، مع أنّه لا نقصان فيه أبدا ، فهو أنّه كان قبل ذلك معرضا للنسخ والزيادة فيه ونزول الوحي بالتحريم والتحليل ، فوصفه بالكمال من قبيل وصف العشرة بأنّها كاملة وإن كانت المائة أكمل منها. وثانيها : أكملت لكم حجّكم وأفردتكم بالبلد الحرام تحجّونه دون المشركين. واختاره الطبرسيّ لأنّ الله أنزل بعده : (يَسْتَفْتُونَكَ) ـ الآية. قال الفرّاء ، وهي آخر آية نزلت. وثالثها : ما روي عن الإمامين أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّها نزلت في غدير خمّ بعد منصرفه من حجّة الوداع لمّا نصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام بالخلافة فقال : من كنت مولاه ، فعليّ مولاه. (٢)
(وَأَتْمَمْتُ) بالهداية والتوفيق أو بفتح مكّة وهدم منار الجاهليّة. (وَرَضِيتُ) : اخترته لكم من بين الأديان. (فَمَنِ اضْطُرَّ). متّصل بذكر المحرّمات وما بينهما اعتراض بما يوجب التجنّب عنها وهو أنّ تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدين الكامل والنعمة التامّة والإسلام المرضيّ. فمن اضطرّ إلى تناول شيء من هذه المحرّمات (فِي مَخْمَصَةٍ) : مجاعة (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) : غير مائل له ومنحرف إليه بأن يأكلها تلذّذا أو مجاوزا حدّ الرخصة ، (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لا يؤاخذه بأكله. (٣)
[٤] (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)
__________________
(١) الشعراء (٢٦) / ٢٢٧.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٥.