لرسول الله صلىاللهعليهوآله : لم تعيب صاحبنا؟ قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى. قال : وأيّ شيء أقول؟ قالوا : تقول إنّه عبد الله. قال : إنّه ليس بعار أن يكون عبدا لله؟ قالوا : بلى. فنزلت : (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ). عطف على المسيح. أي : ولا يستنكف الملائكة المقرّبون أن يكونوا عبيدا لله. واحتجّ به من زعم فضل الملائكة على الأنبياء وقالوا : مساقه لردّ النصارى في رفع المسيح عن مقام العبوديّة. وذلك يقتضي أن يكون المعطوف عليه أعلى درجة منه ، حتّى يكون عدم استنكافهم كالدليل على عدم استنكافه. وجوابه : انّ الآية للردّ على عبدة المسيح والملائكة ، فلا يتّجه ذلك. وإن سلّم اختصاصها بالنصارى ، فلعلّه أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثير دون التكبير. كقولك : أصبح الأمير لا يخالفه رئيس ولا مرؤوس. وإن أراد به التكبير ، فغايته تفضيل المقرّبين من الملائكة ـ وهم الكرّوبين الذين حول العرش أو من أعلى منهم رتبة من الملائكة ـ على المسيح من الأنبياء. وذلك لا يستلزم فضل أحد الجنسين على الآخر مطلقا ، والنزاع فيه. (١)
هذا الكلام مع صاحب الكشّاف حيث فضّل الملائكة بهذه الآية.
(وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ). عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في حديث طويل وفيه : يا رسول الله ، أخبرنا عن عليّ هو أفضل أم ملائكة الله المقرّبون؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهل شرّفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمّد وعليّ وقبولها لولايتهما؟ إنّه لا أحد من محبّي عليّ نظّف قلبه من الدغل والغلّ ونجاسة الذنوب إلّا كان أطهر وأفضل من الملائكة. (٢)
(وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ). أي أن يكون كلّ واحد منهم عبدا ، أو أن يكون عبادا لله ، فحذف لدلالة (عَبْداً لِلَّهِ). (٣)
عن سلمان الفارسيّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، تختّم باليمين ، تكن من المقرّبين. قال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله وما المقرّبون؟ قال : جبرئيل رسول الله وميكائيل عليهماالسلام. (٤)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٢) الاحتجاج ١ / ٦٢.
(٣) الكشّاف ١ / ٥٩٧.
(٤) علل الشرائع ١ / ١٥٨ ، ح ٣.