ألزموا الكفر والشرك. وإلّا فمجرّد إثبات الصفات لله تعالى لا يوجب الشرك. والأشاعرة أثبتوا لله ثمان صفات قدماء. (انْتَهُوا) عن التثليث واقصدوا (خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ). (١)
(واحِدٌ) ؛ أي : واحد بالذات لا تعدّد فيه بوجه ما. (٢)
(سُبْحانَهُ) ؛ أي : أسبّحه تسبيحا من أن يكون له ولد. (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). بيان لتنزّهه عمّا نسب إليه. يعني : انّ كلّ ما فيهما خلقه وملكه. فكيف يكون بعض ملكه جزءا منه؟ على أنّ الجزء إنّما يصحّ في الأجسام وهو متعال عن صفات الأجسام والأعراض. (٣)
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، لا يماثله شيء من ذلك فيتّخذه ولدا. (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً). تنبيه على غناه عن الولد. فإنّ الحاجة إليه ليكون [وكيلا لأبيه والله سبحانه وتعالى قائم بحفظ الأشياء كاف في ذلك] مستغن عمّن يخلقه ويعينه. (٤)
(وَكِيلاً) يكل إليه الخلق كلّهم أمورهم. فهو الغنيّ عنهم وهم الفقراء. (٥)
[١٧٢] (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً)
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ). أي : فلا تستنكفوا أنتم له. فلو كان موضع استنكاف ، لكان هو أولى أن يستنكف لنفسه. (٦)
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ) ؛ أي : لن يأنف. من نكفت الدمع ، إذا نحيّته [بأصبعك] عن عينك لئلّا يرى أثره عليك. (أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) : من أن يكون عبدا له. فإنّ عبوديّته شرف يتباهى به وإنّما المذلّة والاستنكاف في عبوديّة غيره. روي : انّ وفد نجران قالوا
__________________
(١) تفسير النيسابوريّ ٦ / ٣٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٠.
(٣) الكشّاف ١ / ٥٩٤.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٠.
(٥) الكشّاف ١ / ٥٩٤.
(٦) الكشّاف ١ / ٥٩٧.